عبد الرحمن فهمى
ذكريات .. فريق الشعر الغجري المجنون
مجرد أن نشترك بثلاث فرق قومية تمثل مصر كلها في أكبر بطولات عالمية وقارية رغم كل الظروف التي نمر بها الآن.. مجرد هذا بطولة.. مجرد الاشتراك الذي يحتاج لاختيار لاعبين ومدرب وجهاز معه وتمرين ومعسكرات وسفر بعيد.. مجرد الاشتراك بطولة.. ولم يكن مجرد اشتراكنا "كمالة عدد" بل فزنا في العديد من المباريات.. وصلنا إلي دور الـ 16 في كرة اليد ولولا بعض الخلافات في وجهات النظر الفنية لاجتزنا هذا الدور بسهولة.. مما دعا بعض الزملاء إلي المناداة بعودة حسن مصطفي وهادي فهمي للاتحاد فأحيانا تكون الديكتاتورية وحسم الأمور بسرعة في هذه البطولات هي طريق النصر.. ولكن يكفي العثور علي فريق جديد حقق بعض النتائج الدولية لا بأس بها.
وفرحنا لسوريا التي تخوض حربا شرسة.. حربا لا مثيل لها دون كل حروب العالم.. حربا أهلية فالشعب منقسم علي نفسه.. وعدة دول كبري وصغري تشترك في الحرب علانية وسرا!!! حرب غريبة الشكل والمنظر.. عدة دول تطمع في الأرض.. والشعب ترك البلد وهاجر.. وبقايا الجيش يحيط برمز البلد تحميه وتحافظ عليه بقدر الإمكان.. والغارات الجوية من كل صنف وكل بلد تهدم كل المدن.. لم تعد هناك طوبة فوق طوبة.. سوريا رغم كل ذلك فازت علينا بضربات الترجيح.. في آخر ضربه بعد وصولنا معا للمربع الذهبي.. "6-5".. لم نزعل لم نغضب.. سوريا الجريح جروحا بهذا العمق.. سوريا الشقيقة وصلت وكفانا ما وصلنا نحن إليه بعد الإهمال الكبير للبطولات العسكرية التي حرصنا علي الاشتراك فيها منذ أيام عبدالحكيم عامر وعبدالرحمن أمين.. ورغم فوزنا المستمر تركناها وأخيرا جدا عدنا.
***
اكتب الآن في الصباح ومباراتنا الفاصلة مع المغرب في التاسعة مساء.. وأعود وأقول إن مجرد اشتراكنا في البطولات العالمية والتصفيات الأفريقية في ظروفنا الحالية هذا في حد ذاته بطولة.. ولنا في سوريا عبرة.. وهناك حكاية قديمة مشهورة.
***
في سبتمبر 1939 قامت الحرب العالمية الثانية.. أعلنها هتلر ضد إنجلترا وكان جيش هتلر "لا يصد ولا يرد" علي رأي عادل شريف رحمه الله.. قرر تشرشل ألا تخسر إنجلترا كل شيء.. خاصة وهي صاحبة اختراع "كرة القدم" المهووس بها العالم.. فقرر هجرة الأندية القوية ذات الاسم الرنان في كل أنحاء العالم.. تم توزيع الأندية علي بعض البلاد التي تتبع إنجلترا "الكومنويث".. كانت إنجلترا "إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس" من كندا غربا إلي استراليا شرقا مرورا بالهند ومصر وغيرهما.. كان نصيب مصر ناديين فقط لأنها كانت أحد أطماع هتلر وأرسل لها جيشا برئاسة روميل ولكن كندا واستراليا بالذات استضافت أكبر عدد من الأندية.. لبعدهما عن الحرب.
طوال الحرب التي استمرت حتي عام 1945 كانت الفرق الإنجليزية تلعب مع الأندية المصرية حتي قبل الدوري العام بتسع سنوات.. وكان ملعب الفرق الإنجليزية المفضل ملعب القلعة.. ملعب رملي أمام القلعة مكان شارع صلاح سالم الآن.. وكان الجمهور الكبير يحيط بالملعب والتشجيع جنوني للفرق المصرية.
في نفس الوقت.. الفريق القومي الإنجليزي لم يستقر في بلد ما.. كان يطوف بكل بلاد الدنيا مثل "الشعر المجنون الغجري" وكان يوم يهبط في مصر ويلعب مع الفرق المصرية علي ملعب النادي الأهلي كان عدد الجماهير لا يحصي بلا تذاكر.. وكان الفريق الإنجليزي القومي قد أطلقوا عليه اسم "الوندرزر" أي الفريق الطواف كلمة "وندرزر" أقرب كلمة عربية لها كلمة "الجوال" شدة علي "الواو".. ذكريات.