في لقائه مع الشباب بأسوان استشعرت نبرة أسي وعتاب من الرئيس لم تستطع أن تمحوها إرادته الصلبة وإيمانه بأن الله معنا وأن مصر تسير نحو غد أفضل.
مشاعر الرئيس الفياضة ومصارحته منذ أول وهلة تولي فيها الحكم بأنه وحده لن يستطيع أن ينجز المهمة الكبري التي استدعاه من أجلها الشعب في الثلاثين من يونيه ولكن "معاً" الشعب والرئيس يمكن تجاوز الظروف الصعبة بل العصيبة التي تمر بها مصر اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً بكل ما يرجوه كل مصري وطني مخلص يحلم لوطنه وأبنائه بمستقبل أفضل وحياة كريمة تمحو إرهاق السنين التي لم يجد فيها الشعب من يحنو عليه أو يرفق به.
ولكن مهما كانت عزيمة القيادة وإخلاصها وصواب رؤيتها فإن علي الشعوب مسئولية يحكمها الضمير الجمعي للأمة الذي يتوخي المصلحة العليا للوطن ويجنب المصالح الشخصية والأنانية الضيقة التي تضر بالصالح العام وتفرض علي المجتمع أن يظل يعيش في متاهة الفقر والجهل والمرض في مجموعه العام حيث لا تقدم ولا حياة كريمة مهما بذلت القيادة من جهد وعطاء يتآكل علي سبيل المثال في ظل زيادة سكانية رهيبة تتجاوز كما أشار الرئيس بعد لقائه برئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ما يتجاوز 2.5 مليون نسمة سنوياً.
بل إن الهم الاجتماعي للرئيس باعتباره مسئولاً عن رعيته كان أيضاً في التفاصيل عندما علم في هذا الاجتماع السكاني أن نسبة الطلاق بين المتزوجين في مصر خلال السنوات الخمس الماضية بلغت 40% وهو بحسه السياسي الاجتماعي يدرك توابع هذا الخلل الإنساني علي تفكك الأسرة المصرية وزيادة الأعباء علي الدولة في ظل مناخ يؤدي إلي انحرافات سلوكية تترك آثارها ما بين العقد النفسية في أبسطها وقد تصل إلي الجريمة بل والإرهاب أحياناً.
***
عتاب الرئيس كما كان بروح المودة والحرص علي المجتمع مع فضيلة الإمام شيخ الأزهر وكأنه يستعجله في تصويب الخطاب الديني وتنقيته من كل ما هو دخيل أو يتعارض مع مصلحة الأمة وديننا السمح القائم علي العقل والمنطق ومصلحة الجماعة لا يرضي بأن نضع رؤوسنا في الرمال ونتغافل عن كل ما فيه خير الناس ومصلحتهم ومن هنا جاء العتاب مثلما كان العتاب الذي يستنهض الهمة ويستدعي المسئولية للشعب كله لكي نتجاوز مشكلاتنا العصيبة التي تتطلب أن يقوم الجميع بواجباته قبل أن يطالب بحقوقه وينتظر انفراجة الأحوال.
وهو نفس العتاب الذي نوجهه لكل المسئولين والجهات الحكومية وغير الحكومية التي رفضت تطبيق الحد الأقصي للأجور والدخل فسارعوا برفع القضايا وكان آخرهم كبار المسئولين في البريد للإفلات من هذا القانون حتي لا يطبق عليهم هذا الحد 35-40 ألف جنيه شهرياً لا يرضون بها في حين أن الحد الأدني 1200 جنيه لم يطبق بعد في كثير من القطاعات.. ومثل قيادات البنوك الذين استقالوا وفروا إلي البنوك الأجنبية لأن مثل هذا المبلغ قد لا يكفي المصروفات الشخصية للأولاد وما لهم وحال الرئيس الذي تنازل عن نصف راتبه بل ونصف ما ورثه من مال عن والده وهو ما يلبث أن يدعو الناس للتبرع لصندوق تحيا مصر لمساعدة المرضي المعوذين وسكان العشوائيات دون استجابة واقعية تحقق مائة مليار جنيه كما تمني.
***
هو نفس العتاب علي السادة الأباطرة التجار ورجال الأعمال وأصحاب التوكيلات والمصانع والشركات وقد استغلوا جميعاً تحرير سعر الصرف للجنيه ووجدوا هذا الإصلاح الاقتصادي الذي تأخر كثيراً فرصة هائلة لزيادة أرباحهم وتضخم ثرواتهم دون أن يعبأوا باكتواء البسطاء ومحدودي الدخل ومتوسطي الحال بتضاعف أسعار السلع والخدمات حتي صار رغيف الخبز الذي يباع بجنيه في رقة ورقة السيجارة وبلغ ثمن البيضة مائة وخمسون قرشاً وتجاوزت أسعار البقوليات الثلاثين جنيهاً وصارت لحوم الحمير والخيول هي بدائل اللحوم المستوردة التي استعصت علي الشرفاء من الكادحين وأصحاب المعاشات.
هو نفس العتاب علي حيتان الدروس الخصوصية والسناتر التي لا يرحم فيها الأباطرة أولياء الأمور البؤساء الذين يقطعون من قوتهم من أجل تدبير ثمن الحصة الواحدة للفيزياء أو اللغات التي تتجاوز المائة جنيه ليركب المعلمون الشيروكي والمرسيدس بعد أن ودعوا زمن الفقر الذي عبر عنه نجيب الريحاني وفؤاد المهندس في أفلام ومسرحيات القرن الماضي.
هو نفس العتاب للفاسدين كباراً وصغاراً الذين لا تلاحق علي فسادهم الرقابة الإدارية بدءاً من مستشاري الوزراء الذين ينهبون الملايين وحتي صغار الموظفين المرتشين المنتشرين في معظم القطاعات الخدمية التي تتعامل مع المواطنين تبتزهم لإنهاء مصالحهم وتضرب في جذور بلد تبحث عن استثمار ومستثمرين لا يمكن أن يأتوا للعمل في مثل هذا المناخ المقيت الذي يختلط فيه فساد الكبار والصغار معاً دون أي حساب لمصلحة الوطن.
بالله عليكم: ألسنا كلنا مسئولون.. وكلنا الرئيس كل رئيس وطني غيور علي مصلحة شعبه وأمته يملك الإخلاص والأمانة والشرف ويتمني أن يكون شعبه كذلك.
حقاً.. كان الله في عون الرئيس في كل هذه الصعاب والتحديات..!!