مقولة أصبحت تتردد عن صعوبة اختيار من يتولى مراكز المسئولية، واتخاذ القرار، خاصة مع كل حركة تعديل وزارى مرتقب، وتتبارى وسائل الإعلام والمحللون والإعلاميون فى تبرير الاختيارات غير الموثقة والسيئة بأن ترى المناصب فى المرحلة الحالية هى مجازفة ومخاطرة لأى شخصية محترمة لها مكانة ولها فكر ولها رؤية؛ حيث إن الإعلام المرئى والمقروء والتواصل الاجتماعى لا يرحم، ولا يحترم أى مسئول، بل إن الإعلام قد يهدم تاريخ الأفراد والشخصيات لمجرد الظهور الإعلامى أو الاختلاف السياسى.. أو حتى التدخل الأمنى، ولهذا فإن قدر الوطن والشعب المصرى هو قبول من يقبل ويرضى ويتفضل ويتعطف علينا بأن يصير هو أو هى سيادة الوزير أو معالى دولة رئيس الوزراء!!
رحماك رب العباد والبلاد فيما يجرى وفيما تقدر له الأمور لأن الحقيقة والواقع مخالف لكل هذه الادعاءات التى لا تفتأ أن تعلن وتردد عن كم الاعتذارات وكم الشخصيات التى ترفض أن تتولى هذا المنصب أو المناصب من الوزارة إلى المحافظات إلى رؤساء الشركات الكبرى والبنوك، ولهذا فإن عموم المصريين أصبح فريسة للادعاءات الإعلامية، وكذلك إدارة الدولة ورئيسها الذى تصله من عدة جهات ترشيحات وأسماء رافضة ومعترضة ومعتذرة وشخصيات أخرى أقل كفاءة وأكثر استسلاماً ورضوخاً للأوامر وللنواهى، وهى شخصيات وديعة لطيفة مضحية من أجل الوطن ومن أجل الوظيفة والاسم والمركز وليس مهماً أن تكون على أعلى درجة من الكفاءة أو المهنية أو لها تاريخ فى العمل الحزبى أو الوطنى أو السياسى وفنون التواصل مع الجماهير والإعلام، وإنما يكفى أنها قد قبلت ورضيت بتولى الحقائب الوزارية والمحافظات والتى معظمها أصبح من نصيب لواءات شرطة وجيش سابقين قد نجحوا فى مراكزهم الأمنية والعسكرية، ولكن الحياة المدنية والدولة العميقة مختلفة بكل تأكيد.
عدة وزارات تحتاج إلى تغيير ليس فى الأشخاص ولا فى الحقائب ولا فى المناصب والأسماء ورضاء الدوائر المحيطة بالرئيس والأجهزة الأمنية والرقابية، ولكن تلك الوزارات تحتاج إلى رؤية.. نعم رؤية تليها خطة قابلة للتنفيذ سواء خطة قريبة الأجل أو أخرى طويلة الأمد.. نبدأ بالرؤية والاستراتيجية والهدف والمأمول والمراد الوصول إليه فى خلال سنوات حتى نستطيع أن نلمس التغيير والإصلاح والتجديد الفكرى والاستراتيجى.. الرؤية تعنى الكثير وليس مجرد سطور تكتب لملء الفراغات وترتيب الأوراق والادعاء بأن لدينا خطة وزارية وخطة دولة وسياسة الرؤية هى البداية وهى المفتاح لباب كبير سوف تدخل إليه مصر وعبر بواباته إلى مجتمع آخر غير هذا المجتمع الذى نعيشه.. ما هى رؤية الإدارة السياسية حين اختيار الوزراء.. وهل يقدم كل وزير سيرة ذاتية لإنجازات فى مجال عمله الذى كان وعمله الذى سوف يتولى حقيبته؟! وهل رؤية السيد أو السيدة الوزيرة هى رؤية خاصة وشخصية أم هى رؤية هادفة تجمع بين الشخصى وبين الوطنى والسياسى.. وهل الرؤية تهدف إلى التغيير أم إلى الإصلاح أم إلى التجديد أم إلى التطوير أم إلى الابتكار والإبداع والتحديث؟! بعد الرؤية تأتى الخطة التنفيذية وهى الآليات والاستراتيجية المنهجية والمعوقات وكيفية التغلب عليها.. والإمكانات المادية والبشرية ومدى الاستفادة مما هو متاح وأيضاً الجدول الزمنى لتحقيق الأهداف وفق المنهج المتبع.. الدولة العميقة تقف حائلاً فى وجه أى تغيير أو إصلاح أو تجديد أو ابتكار لكن تلك الدولة يقف معها إعلام يعيد صناعة ذات المجتمع اللاهى الاستهلاكى الترفيهى الناقم الساخط الحاقد غير المنتمى مع مؤسسات دينية لا تقبل أى تجديد أو تغيير وإنما هى دائرة مغلقة للجهل والتعصب والإرهاب، ناهيك عن ذات المؤسسات الأمنية التى مازالت تؤمن بأهل الثقة أكثر من أهل الخبرة والعلم والفكر والسياسة.. ابحث مع الرئيس.. وابحث مع الوطن وابحث مع المواطن عن وزير لديه رؤية... وفكر... وكفى...