من قال إن بمصر مجلساً للبرلمان: يراقب ويحاسب.. ويسحب الثقة.. بل أقول إننا لو طرحنا سؤالاً على الناس نسألهم: هل برلمان مصر يحس به أحد.. لما حصل هذا المجلس على أصوات أعضائه!!
هو مجلس بعيد عنا تماماً.. ربما يراه البعض «شيئاً» مكملاً للديكور.. ولكننى أرفض حتى أن يدفع الناس ثمن الكهرباء التى يستهلكها.. بل أرى مثل كل المصريين أن رواتب الأعضاء حرام، لا يستحقونها.. فلماذا إذن يبقى؟!.
ودلونى على عمل إيجابى واحد أداه هذا المجلس.. يستحق عليه كل هذه الرواتب التى يحصل عليها.. والحمد لله أن اسمه «تغير» ولم يعد، اسماً أو فعلاً، مجلساً للشعب.. فالمجلس يمضى فى وادٍ.. بينما الناس - كل الناس - يعانون فى وادى النيل. وكم من مشاكل، وقضايا يعيشها الشعب.. بينما المجلس، بمعظم أعضائه، لا يحس بها وكأنه جاء من شعب آخر.. وهو إن تحرك، أخذ الطريق السالب دائماً.. وهكذا، ووسط كل هذه المعاناة التى تكاد تدمر الدولة نفسها، لا نسمع عنه أو منه خبراً. أو نلمس له - أو منه - عملاً.. ولذلك الأفضل أن نتركه نائماً فى العسل الذى يجنيه.. مادمنا لا نملك حتى مجرد محاسبته.. أو إسقاطه.
وآخر «بلاوى» هذا المجلس، حتى الآن، حكاية السيارات الملاكى المصفحة التى يتحدث عنها الناس، بعد أن ظهرت الحقيقة من أن المجلس «يبحث» عن تأمين كبار مسؤوليه باستيراد ثلاث سيارات مصفحة.. فمن هو الذى يفكر فى تعكير صفو ومسيرة المحظوظين الثلاثة الذين سيركبون هذه السيارات.. وما هى إنجازاتهم أو إيجابياتهم التى ستجعل لهم أعداءً يفكرون فى الاعتداء عليهم؟!.
ثلاث سيارات مصفحة بملايين الجنيهات، بينما الشعب - كل الشعب - يعانى من غلاء قاتل وصلت فيه أسعار معظم السلع إلى الضعف.. حتى أسعار السيارات نفسها.. الناس يئنون مما يعيشونه.. وليس سراً أن منهم من يكمل عشاءه بالنوم توفيراً لقليل يحتاجه الأطفال فى إفطارهم صباحاً.. فما الذى قدمه المجلس بنوابه.. وما الذى أنجزه الثلاثة المحظوظون لكى نستورد لهم هذه السيارات المصفحة.. أم هى يا ترى يمكن أن تحميهم من غضبة الشعب؟!.
والرئيس السيسى نفسه يتحدث عن معاناة الناس.. ويطالبهم بالصبر والتقشف والانتظار ولو لشهور قليلة.. ثم نفاجأ جميعاً بهذا المجلس يرتكب هذه الجريمة وسط شعب يكاد يدبر لقيمات تحفظ له حياته.. ونجد من يقترح ومن يوافق.. والأدهى من يركب هذه السيارات.
ولا تصدقوا أن الفساد يتمثل فقط فيمن يرتشى ويطلب الرشوة ومن يحصل عليها.. وهى الآن بالملايين.. بل الفساد أيضاً فى سلوكيات الذين انتخبهم الناس، وبدلاً من أن يدافعوا عن أموال الشعب نجدهم يهدرون المليارات.. ويا ليت هؤلاء يراقبون أموال الشعب، كما يجب.. بل هم فى مقدمة من يهدر هذه الأموال على كل ما ليس ضرورياً.. وهنا ينطبق المثل الشعبى: جبتك يا عبدالمعين تعيننى فوجدتك يا عبدالمعين، تطلب من يعينك!! أى بدلاً من أن يشترك المجلس فى حمل المهمة الصعبة وتحمل بعض ما يتحمله الناس.. وجدنا من يضيع أموال الشعب!!.
■ ■ ورغم أننى أؤمن بمبدأ الفصل بين السلطات.. إلا أننى أتمنى بل أطالب رئيس الجمهورية بالتدخل فوراً لإيقاف إتمام صفقة هذه السيارات حتى ولو ذهب البعض إلى المحكمة الدستورية.. بحجة تعدى السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، وأن مصر ليس فيها سلطة تحترم سلطة أخرى.. ولكن عندما تعتدى هذه السلطة التشريعية على أموال الشعب لا تصبح هذه السلطة ممثلة للشعب.. ولا تملك سلطة للرقابة على باقى السلطات.
■ ■ ولا نقول هنا ما يردده الناس - فى مثل هذه الأمور - شيلنى واشيلك.. يعنى يا حكومة لا تعترضى على طلباتى.. لكى أغمض عيونى عن أخطائك.. فالمهمة الأولى لأى برلمان - إن كان عندنا برلمان - هى الرقابة على التصرفات المالية للحكومة.. ويكفى هنا ليس فقط جريمة هذه السيارات الثلاثة بل أيضاً شيلنى واشيلك، وأقصد بها زيادة رواتب الوزراء والمحافظين. بل معاشاتهم، طالت أو قصرت مدة بقائهم فى مناصبهم.. فهل نحن فى عصر «اقتسام المكاسب؟».
■ ■ ولن أردد هنا مقولة فناننا الكوميدى سمير غانم فى مسرحيته الشهيرة «أخويا هايص وأنا لايص» ولكننى أردد: كم من المهازل يرتكبها برلمان لا يحس بقضايا الناس.. ألا يتألم كما يتألمون؟!.. بل نراه يشارك فى زيادة آلام الناس.. كل الناس حقاً.. أخويا هايص.. والشعب كله لايص!!.. بل أقول: المجلس هايص.. والشعب لايص!!.