عبد الرحمن فهمى
ذكريات .. هكذا يكون التعديل الوزاري
كان مقرراً أن يتم إعلان التعديل الوزاري هذا الأسبوع.. بل قيل إن اجتماع مجلس الوزراء منذ يومين هو آخر اجتماع ـ كما قيل في كل الصحف ـ ولكن يبدو أن الموضوع تعثر.. قابلته بعض العقبات.
وأريد اليوم أن أكتب في نفس الموضوع الذي أثاره الكثير من الزملاء أصحاب الأعمدة الصحفية عن كيفية اختيار الوزراء الجدد والبعض كتب عن أسباب التعديلات الوزارية المتتابعة أصلاً والبعض كتب عن جدوي هذه التعديلات.. ومع احترامي لكل الأساتذة الكبار أقول لهم إن أحداً لم يذكر ما كان يفعله كبار رجال السياسة زمان.. "سياسة المرشح تسبق تعيينه".. أو قل أفكار المرشح تؤهله للترشيح ثم الوزارة.. عزيز صدقي رجل الصناعة رشحته الصناعة لتولي الوزارة رغم أنه لم يكن هناك فكرة أصلاً لإجراء أي تعديل.. بل سياسة عزيز صدقي رشحته لرئاسة الوزارة بعد ذلك لسنوات طويلة.. من قبل هذا بسنوات.. صبري أبوعلم المحامي كتب كثيراً ونادي في مجلس النواب منذ الأربعينيات بضرورة إصدار قانون "استقلال القضاء".. القضاء لهم وضع خاص بهم.. فلا يصح أن يكون المستشارون والقضاة ورجال النيابة العامة مجرد موظفين في وزارة العدل.. هؤلاء لا يصح أن يخضعوا للسلطة التنفيذية ويكون رئيسهم وزير العدل.. هؤلاء يجب أن يكون رئيسهم أقدمهم.. باستقلال تام عن السلطة التنفيذية.. وظل صبري أبوعلم المحامي ينادي باستقلال القضاء أخطر هيئة في أي دولة.. إلي أن جاءت وزارة مصطفي النحاس المشهورة في 4 فبراير 1942 وتم إعلان استقلال القضاء.. لا هيئة ولا أحد مهما كان مركزه له سلطة فوق سلطة القضاء.
وهكذا.. أصحاب الرأي والفكر والمشروعات هم الذين يستحقون الحقائب الوزارية.
***
في جريدة "المصري" القديمة كان هناك كاتب له مقالات سياسية تشد الناس والمسئولين كل أسبوع وكان يوقع مقالاته بـ "أبويوسف".. عندما تولي مصطفي النحاس وزارة 4 فبراير بالذات سأل عن هذا الكاتب.. من يكون؟؟؟.. اتضح أن اسمه "حامد زكي" أستاذ القانون المدني بكلية الحقوق جامعة فؤاد الأول.. تم تعيينه "وزير دولة" في مجلس الوزراء.. وهي أول مرة يتم فيها تعيين وزير يساعد رئيس مجلس الوزراء!!.. زكي عبدالمتعال كان أستاذاً في كلية الحقوق أيضاً وانتقد في الصحف ميزانية الدولة.. كيف يكون لكل وزارة وكل هيئة ميزانيتها المستقلة.. لابد من ميزانية عامة لكل موظفي الدولة الذين يجب أن يخضعوا جميعاً لنظام واحد وإذا كانت هناك وزارة أو هيئة لها طبيعة عمل خاصة فليكن هذا باستثناء مستقل تابع أيضاً للميزانية العامة.. كيف لا تكون للدولة ميزانية عامة يخضع لها الجميع؟؟؟.. قرأ هذا مصطفي النحاس وصرخ: هاتوه.. استدعوه فوراً.. وأصبح زكي باشا عبدالمتعال وزيراً للمالية وتولي فؤاد سراج الدين وزارة الداخلية في تعديل وزاري محدود.
***
هكذا يكون التعديل..
لا نريد شخصاً مكان آخر.. نريد فكرة جديدة بدل الروتين.. نريد موظفاً غير عادي في عمله ونشاطه وإنجازاته بدلاً من الوزير المشغول بالمقابلات والمجاملات و...... و...... الكتابة في الصحف!!! بل نطمع في أن نعثر علي "وزير مغامرات" قلبه مثل قلب الأسد.. يحول وزارته لشركات مساهمة ويتحمل المسئولية.. وينجح ويقول لنا: السلام عليكم ونخلد عمله واسمه وتاريخه.
مش معقول البلد لم يعد فيه عباقرة لهم آراء جديدة بعد كل هذا التقدم العلمي والتكنولوجيا.. والموبايل والنت والوصول إلي القمر.. مش معقول الماضي خير من الحاضر!!! نريد تعديلاً نشعر به.. هل هذا ممكن؟؟.. يارب.