الوفد
علاء عريبى
معاشات الوزراء والمحافظين
المفترض، حسب ما سمعنا، أننا قد قمنا بثورتين (فى يناير ويونيو) ليس لكي نأتي بـ«السيسى» رئيسًا للبلاد، ولا بحكومة شريف إسماعيل، ولا ببرلمان يتبع أغلبيته حب مصر أو دعم مصر (لا أذكر التسمية جيدا التي أطلقوها على أنفسهم)، ولا بالنخب والإعلاميين الذين تربوا فى أجهزة مبارك الأمنية، بل قمنا بثورة يناير، ومن بعدها بثورة 30 يونيو لكي نقيم العدالة الاجتماعية التي حرمنا منها منذ عشرات السنين، لهذا خرجنا، وعلى هذا اتفقنا، وتطبيق العدالة الاجتماعية يعنى المساواة بين المواطنين تحت مظلة القانون، لا تمييز بين غنى وفقير، بين مسيحى وسلم ويهودى، بين متعلم وأمى، بين ريفي وحضري، بين عسكرى ومدنى، بين حكومي ومعارض، بين امرأة ورجل، بين مسن وشاب وطفل، بين أبيض وأسود.
الواقع الذى نعيشه لا يوضح هذا، بل أنه على عكس ما خرجنا وثرنا وطالبنا ورددنا وانتخبنا، النظام الحكام يكرس للتمييز الطبقى والفئوى، يفصل القوانين لتمييز بعض الفئات عن سائر المواطنين، مثل القضاء، الجيش، الوزراء، الشرطة، أعضاء الصندوق الأسود، حيث ميزهم بالقانون فى المرتبات والمعاشات.
ففى بلد يمر بأزمة طاحنة، يجد فيها المواطن بالكاد رغيف العيش، يتم رفع مرتبات هذه الفئات عن سائر المواطنين، كما يقوم النظام الحاكم بإصدار قوانين تحصنهم ماديًا عند تقاعدهم، آخر هذه القوانين، المشروع المقدم من الحكومة لزيادة مرتبات ومعاشات الوزراء والمحافظين ونوابهم ومساعديهم، ويتضمن المشروع 5 مواد تنظم على وجه التحديد رواتب ومعاشات المسئولين بالحكومة، وتلغى العمل بالقانون 100 لسنة 1987، حيث تنص المادة الأولى من مشروع القانون على أن يتقاضى رئيس مجلس الوزراء راتبًا شهريًا 42 ألف جنيه (الحد الأقصى للدخل طبقاً للقانون)، فيما يتقاضى نوابه، والوزراء من أعضاء الحكومة، والمحافظين، 35 ألف جنيه شهريًا، فيما يتقاضى نواب الوزراء والمحافظين 30 ألف جنيه، وتقضى المادة الثانية، بأن تستحق الفئات المشار إليها معاشًا يساوى 80% من إجمالي رواتبهم.
يعنى بالعربى، ومن الآخر: الرئيس يطالب المواطنين بالتحمل، والاكتفاء بوجبة أو وجبتين، وحرمان أولادهم من اللحوم والفاكهة والحياة الآدمية، فى الوقت الذى يوافق فيه على رفع مرتبات ومعاشات بعض الفئات، يقطعون من لحم المواطنين لكى يكفى من يعاونوه فى الحكم، نحن لنا الكلام الطيب، وهم لهم الأموال.
وأخطر ما فى مواد مشروع قانون الوزراء والمحافظين ونوابهم أنه يصرف لمن عمل فى الوزارة لمدة شهور أو سنة أو أكثر حوالى 30 ألف جنيه معاشًا شهريًا، رئيس الحكومة يتولى سنة أو أكثر ثم يتقاعد ويصرف بالقانون 33 ألف جنيه شهريًا معاش تقاعده، بينما هناك الملايين ممن خدموا هذا الوطن لمدة 20 وأكثر يتقاضون عند تقاعدهم 500 و700 جنيه، رئيس الحكومة والوزير خدم البلد سنة أو سنتين أو أربع سنوات على الأكثر ويتقاضى عند تقاعده 30 ألف جنيه، والموظف والعامل الكادح لمدة 25 سنة مطالب بأن يعيش هو وأولاده بـ700 جنيه، يسدد منها فواتير الخدمات: الكهرباء، والمياه، والغاز، والمواصلات، والتعليم، والصحة، الطعام والشراب، والمواطن الذى خدم وطنه 36 سنة، أضاع خلالها شبابه، وصحته، يتقاضى 1500 جنيه عند تقاعده، هل هذا هو العدل الاجتماعى الذى ننشده؟، هل خرجنا فى ثورتين لكى يقال لنا: انتم نور عينيه، واستحملوا الإصلاح والصلاح والانبطاح، بينما بعض الفئات يستقطع لهم من لحمنا وقوت أولادنا؟.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف