الصباح
سليمان شفيق
25 يناير و«تسليع» الثوار وغسيل أهل الثقة
كنت ومازلت من أنصار ثورة 25 يناير، وفى ذكراها رجعت للخلف أتذكر ما كتبت من وحى تلك الثورة، المقال الأول كان فى 28 سبتمبر 2011، وتحت عنوان «النخبة المصرية وإدمان الفشل» جاء فيه:
(1)
كتب المفكر السودانى د.منصور خالد كتابًا بعنوان «النخب السودانية وإدمان الفشل»، حول جدل العلاقة بين النخب السودانية والثورة والدينيين والعسكر، وكيف كانت النخب المدنية تستقوى بالعسكر، وتسقط الحكم، وتسلمه بنفسها للعسكر الذين لا يتوانون فى استخدام القوى الدينية فى مواجهة القوى المدنية، لما بينهما من سمات وصفات مشتركة مثل التراتبية والطاعة، ثم ينقسمون على بعضهم البعض، فتثور القوى المدنية من جديد وهكذا.
وفى وصف النصف المصرى من المعادلة، شهدت مصر 5 ثورات، 1805 بقيادة الشريف عمر مكرم، 1882 بقيادة العسكرى أحمد عرابى، 1919 بقيادة سعد زغلول باشا وحزب الوفد، ثورة يوليو 1952 بقيادة الضباط الأحرار برئاسة جمال عبد الناصر، ثم ثورة 25 يناير الشعبية.
ويلاحظ أن كل الثورات السابقة لثورة 25 يناير، لم تكتمل ولم تنجز المرحلة الوطنية الديمقراطية، بالطبع كان ذلك قبل ثورة 30 يونيو 2013ـ
(2)
وفى 5 أكتوبر 2011 كتبت المقال الثانى، تحت عنوان غسيل الأشخاص وتسليع الثوار جاء فيه:
شعور مجهول انتابنى بأن قطاعات كبيرة من الصحفيين والإعلاميين لم تسعفهم قدراتهم المهنية لمواكبة بركان الحرية الذى انفجر بعد ثورة 25 يناير، استثمارات كبيرة تتدفق فى صناعة الإعلام من كل حدب وصوب، وصارت القاهرة سوقًا ومرتعًا للمال الإعلامى أكثر من بيروت، عمليات «غسيل أشخاص» وصناعة نماذج إعلامية وسياسية رديئة، وتحت الطلب لما هو قادم، ولكن أخطر ما يقوم به الإعلام هو «تسليع» شباب الثورة، أقصد تحويلهم إلى سلعة إعلامية لزيادة عدد المشاهدين أو القراء، على سبيل المثال شاب فى بداية عقده الرابع يكتب 9 مقالات فى الأسبوع ما بين كبريات الصحف القومية والخاصة، ويستضاف فى الكثير من البرامج والمحافل، كيف يتأتى ذلك وكبار الكتاب المحترفين يكتبون مقالًا يوميًا بمعاناة! «المقصود هنا كان عبد الرحمن يوسف ابن القرضاوى».
عدت إلى هوايتى فى البحث فوجدت 48 شابًا من شباب الثورة تحولوا إلى كتاب مقالات وأعمدة، تذكرت مصير أغلب القادة الشباب لثورة مايو 1968 فى فرنسا، وكيف استخدمت المخابرات الفرنسية والأمريكية الإعلام فى إجهاض قدراتهم وتفريغهم من ثوريتهم وتحويلهم إلى شخصيات مريضة بحب الظهور والإعلام حتى أن البعض منهم ماتوا فى مصحات نفسية.
(3)
وبعد ثورة 30 يونيو قامت جهات بعينها بشيطنة هؤلاء الشباب، وكالعادة حجب عنهم الإعلام، وبعد إسقاط وزارة الببلاوى وهروب البرادعى انقلب السحر على الساحر وبعد أن كان هؤلاء الشباب ينتقمون ممن يسمونهم «الفلول» عاد أنصار «الفلول» إلى ملء الفراغ الذى تركه هؤلاء الشباب، واستخدمت نفس وسائل «الإعلام التسريبى»، وأصبح الإعلام مرتعًا لتصفية الحسابات، وتم تأمين أو تأميم قطاعات واسعة بعد صفقات مع بارونات الاستثمار الإعلامى، وأصبح أصحاب الخبرات من «كبار السن» خارج المعادلة، 25 يناير وظفت شبابًا، و30 يونيو وظفت شبابًا آخر، وتحكمت جهات بعينها فيما تبقى من حياة حزبية، وتوارت المؤسسات البحثية، وأصبح الرئيس عبد الفتاح السيسى يقاوم الإرهاب بيد، والفساد باليد الأخرى، ولا أشك لحظة أن الإعلام أصبح مرتعًا لصراع الأجهزة والمؤسسات، وتوغل رأسمال الدولة على حرية التعبير، وأصبحنا نتحسس أقلامنا قبل أن نكتب ونعتمد على ثقة آل الحكم فى وطنيتنا واحترام رؤساء التحرير لخبرتنا وبقية من خجل تجاهنا، هكذا صارت حالة معظم أصحاب الخبرات والموالين للدولة والرئاسة، بحيث أشعر أن أصحاب الخبرات من كبار السن هم الفئة المضطهدة منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن، ومع كامل احترامى لمعظم من يتقربون إلى عتبات الاتحادية يقولون ويكتبون ما يرضى الحلقة الضيقة القريبة من الرئيس السيسى، وإلا أصبحوا خارج دائرة الضوء، بكل الحب والعرفان بالجميل الوطنى أدعو للرئيس: «اللهم احم السيسى من بعض أنصاره أما أعدائه فهو كفيل بهم»
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف