محمد سعد عبد الحفيظ
اسمع.. هذه هي سير قادة الفقراء
قبل أن تشرق شمس الذكرى السادسة لثورة يناير المجيدة بساعات كتب صديقنا الصحفي وليد صلاح على صفحته بموقع فيسبوك: “إي حد شارك في ثورة 25 يناير وشغله قريب من ميدان التحرير بلاش يعدي من هناك عشان هيتقهر.. شوفت القهر وصورته بعيني”.
قهر وليد وصراخه وبكائه في محطة المترو- بحسب ما كتبه في أول تعليق-نابع من مشاهدته السادة الضباط وجنودهم يحتفلون بعيد الشرطة في ميدان الثورة التي انطلقت ضد ظلم وطغيان أبناء العادلي قبل ست سنوات، مستخدمين مؤثرات ضوئية سلطوها على جدران مجمع التحرير ليظهر شعار وزارة الداخلية، وكأنهم يخرجون ألسنتهم لكل من شارك في تلك الثورة.
مطلع 2008، قبضت قوات الأمن على وليد وخطيبته نادية مبروك بعد مشاركتهما في مظاهرة لحركة كفاية، وقيدوهما في كلبش حديدي واحد، وتمت إحالتهما إلى النيابة بتهمة التظاهر وتوزيع منشورات مناهضة لنظام الحكم، فقررت النيابة إخلاء سبيلهما، فأصدر وزير داخلية مبارك حينها قرارا باعتقالهما وفقا لقانون الطوارئ.
فرقت الأسوار بين نادية ووليد لشهور، حلم العاشقان خلالها بسقوط دولة الظلم والاستبداد، وتأسيس جمهورية جديدة على قواعد العدل والحرية والمساواة، حتى رفع مؤذن الثورة الآذان فلبى وليد وخطيبته مع الملايين من أبناء جيلهم النداء وأقاموا صلاة الميادين، لم يبرحوها الإ بسقوط مبارك ونظامه من ميدان التحرير “قدس الأقداس” الذي شهد شروق شمس الحرية على الجمهورية الجديدة.
قبض وليد وجيله على حلم التغيير في يديه، لم يقبل بأنصاف الحلول، رفض الماضي بكل سوآته شخوصه وسياسته، مضى في طريق ثورته متمسك بحلم بناء دولة “العيش والحرية والعدالة الاجتماعية”، حتى اصطدم بمؤمرات “غربان” الأوطان، كلما حاول الحالمون دفع الوطن إلى الأمام سحبوه إلى الخلف.
السنوات الست الماضية أثبتت أن النظام لم يكن مبارك ورجاله، الوجوه تغيرت بفعل الغضب الشعبى، لكن التوجهات والسياسات كما هى، لا فرق بين “كاب” أو “لحية”.. الكل سعى لخطف الثورة ودفنها حية، لكنهم لم يفهموا أن طوفان أبناء يناير سيكسر كل الحواجز ليقيم دولته.
بمناسبة الذكرى السادسة للثورة بعث السيسي رسالة مشفرة إلى جيل يناير مفادها “لا تنتظروا الإنصاف الآن فهذا ليس عصركم”، وقال في كلمة متلفزة أول أمس: “أننى لعلى ثقة كاملة أن التاريخ سينصف هذا الجيل من المصريين الذى تحمل خلال السنوات الماضية ما يفوق طاقة البشر، مستعيناً فى ذلك بمخزون الحكمة الخالد لدى الشعب المصرى”.
لم يدرك النظام بعد أن هذا الجيل المؤمن بحتمية الدولة الجديدة القابض على جمر ثورته لن يفرط في حلمه، لن يرهبه سجن أو حتى موت، قد يضربه الإحباط بعض الوقت لكنه حتما سيتجاوزه ليستعيد حلمه وميدانه.
لا تبكي يا وليد ، فحلم الجيل لن يذهب ، ودولة العدل والحرية قادمة مهما حاول زبانية الماضي حصارها.. واستمع يا صديقي إلى كلمات عمك سيد حجاب لمحبوبته مصر:
يا حلوة يا بلدنا يا نيل سلسبيل
بٌحبك انت رفعنا راسنا لفوق
لو الزمن ليِّل ما يرهبنا ليل
شوقنا فى عروقنا يصحى شمس الشروق
للحلوة قلب كبير يضم الولاد
وزاد وزوادة وضلة وسبيل
الموت والاستشهاد عشانها ميلاد
وكلنا عشاق ترابها النبيل
حبيبتى من تنهدها حن الوتر
غنت سحر صوتها الشجر والنخيل
واتعلم النجم البعيد السهر
وساب سماه وسرح فى موجك يا نيل
حبيبتى غنوتها غيطان الحنان
شموسة صافية نورها ما ينطفيش
فى حضنها بنرتاح ونلقى الأمان
نعيشه حتى ان متنا ليها نعيش
رحم الله الشاعر العظيم