حافظ أبو سعدة
سيناء ومخاطر الإرهاب على الأهالى
لا شك أن الحرب على الإرهاب هى الأعنف فى مصر والأشرس، والأقوى التى تجرى على أرض سيناء، هذا الجزء العزيز من أرض مصر، ويشهد التاريخ لجنودنا دفاعهم عن أرضنا، وتمسكهم بمصرية سيناء بعد حرب 1967، واحتلال إسرائيل حتى تحريرها نهائياً عام 1982، وقد شارك الكثير من أبناء سيناء فى الحرب ومساعدة القوات المسلحة المصرية عبر منظمة سيناء العربية، التى كانت تنشط خلف خطوط العدو، وهناك 700 مجاهد من مجاهدى سيناء تضمهم السجلات الرسمية، أو حصلوا على الأنواط العسكرية تقديراً لدورهم، والحقيقة التى لا يختلف عليها اثنان هو أن إهمال سيناء لأكثر من 30 سنة دون أى خطط للتنمية أثّر كثيراً فى حياة المواطنين، فعانى الكثير من الأهالى من التهميش وقلة الرزق والدخل، فمنهم أقلية تعمل فى التهريب عبر الحدود، والبعض بات عُرضة للاستغلال والتجنيد من بعض المنظمات الإرهابية، إلا أن الأغلبية لا تزال تكافح رغم الاتهامات التى تلاحقهم، مرة بأنهم يدعمون تنظيمات الإرهاب، وتارة أنهم يحتضنون الإرهاب.
من خلال رسالة أهالى سيناء، فإنهم يتعرضون لانتهاكات جسيمة، وأصبحوا بين شقى الرحى، فمن جانب الإرهابيين يعرّضون غيرهم لانتهاكات للحق فى الحياة والقتل والاغتيال، حتى جاوز العدد 300 ضحية حتى الآن، وعلى الجانب الآخر، فإن الإجراءات الأمنية تشكل أيضاً مصدراً للانتهاك، حيث يقف الشرفاء والمرضى والأطفال والحوامل ساعات طوالاً على الكمائن انتظاراً للمرور، فالرحلة من قناة السويس إلى رفح تأخذ 12 ساعة، فضلاً عن توقف النشاط الاقتصادى من توقف للمتاجر والورش والزرع وتجريف شجر الزيتون، هى معاناة يومية لا نعرف عنها شيئاً، وهى هم يومى لأهالينا لا يتحدث عنه أحد.
ومن الانتهاكات الجسيمة أيضاً الناتجة عن الحرب الدائرة ضد الإرهاب توسيع دائرة الاشتباه، ما يؤدى للقبض على الأبرياء، فوفقاً للدكتور صلاح سلام، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، فقد قدم استمارات تظلم لـ650 اسماً من المحبوسين للجنة العفو الرئاسى للإفراج عنهم، إلا أنهم حتى الآن ليست هناك أى مؤشرات على الاستجابة لهذه التظلمات.
أكثر ما يحزن أهالى سيناء ليس فقط الثمن الذى يدفعونه نتيجة الإرهاب الأسود الذى يعيث فساداً فى شمال سيناء، وإنما الحرب الإعلامية التى تُشن على كل أهالى سيناء، والاتهامات بأنهم حاضنون للإرهاب، رغم أن أغلب الأشخاص الذين قاموا بعمليات ضد جنودنا وضباطنا هم من خارج سيناء، فحبارة، الاسم الأشهر الذى ارتكب مجزرة ضد جنودنا من محافظة الشرقية، ومن فجّر فندق القضاة فى العريش شابان أحدهما من محافظة كفر الشيخ، والآخر من القاهرة بمدينة نصر، وغيرهم الكثير وأيضاً.
لا بديل عن الانتصار على الإرهاب وتجفيف منابعه فى سيناء، ولا يمكن أن يتحقق هذا دون دعم الجيش والشرطة من قبل أهالى سيناء، فيجب أن تكون البيئة صديقة للقوات وداعمة لهم وهو ما يحدث الآن، وأخشى ما أخشاه أن يؤدى استمرار الانتهاكات ضد الأهالى أن نفقد هذا الدعم وهذه الحاضنة الشعبية لقوات الشرطة والجيش فى سيناء لا بد من تعزيز التعاون مع الأهالى بمحاولات تسهيل حياة الناس وتعويضهم عن الخسائر التى تتحقق، وفى الوقت نفسه يجب أن تكون التدابير الأمنية فى أضيق الحدود بالنسبة لمن يقبض عليه، أو يتهم حتى لا يستمر فى الحبس سوى المتورطين فعلاً فى ارتكاب جرائم، والمنضمين لجماعات العنف والإرهاب.