المصريون
محمود سلطان
لماذا لا يفاجئ السيسى المؤسسات المدنية؟!
جميل.. أن نرى الرئيس عبد الفتاح السيسي، يتفقد طلبة الكلية الحربية فجرًا.. وأن نشاهد وزير الداخلية يفاجئ ـ وهو يرتدى الملابس الرياضية ـ أكاديمية الشرطة.. ويتفقد الطلبة والتدريب وطرق التدريس. كليتان مهمتان، ولهما حساسية خاصة، لصلتهما بالأمن العام والأمن القومي.. وكل من تعاقب على الحكم فى مصر، يضعهما على رأس قائمة أولوياته. غير أن هذا الإرث، يحتاج إلى مراجعة، لتغير الأحوال، ولتقاطع وتشابك مصادر صناعة الأزمات بشكل شديد التعقيد، على النحو الذى يحتاج إلى التخلى عن الطرق المتوارثة والمعتمدة فقط على مبدأ "القوة" وحدها وليس البحث عن "حل". تكررت زيارات الرئيس إلى الكلية الحربية، بشكل لم يحدث مع أى رئيس سابق عليه.. إذ لم يظهر من سبقوه مع الطلبة إلا فى حفلات التخرج وحسب.. ولعل ذلك يرجع إلى الفارق بين ما قبل السيسى وبين عهده.. ففى الأخير، أضيفت أعباء جديدة على المؤسسة العسكرية، تضاعفت بعد 3 يوليو 2013، بلغت ذروتها بأن تقود الآن المؤسسة العسكرية لأول مرة عمليات مكافحة الجريمة، التى من المفترض أن تكون من مسئولية الشرطة المدنية.. خاصة مواجهة الإرهاب الداعشى المتوحش فى شمال سيناء. ولذا ربما تأتى زيارات الرئيس المتكررة للكلية الحربية، فى سياق رمزي، يلخص مركزية الدور الذى يقوم به الجيش واتساع خارطته، ابتداءً من عمليات ملء الفراغ السياسي، وما ترتب عليه من "تذمر" مدني، وتساؤلات بشأن أنشطته الاقتصادية وانتهاءً بعمليات مكافحة الجريمة "الإرهاب" فى سيناء. وإذا كانت هذه المقاربة صحيحة، فإن هذا الدعم المعنوى الذى يقدمه السيسى، للمؤسسة العسكرية، يكون مطلوبًا وذا جدوى، إذا كان جزءًا من رؤية أكبر فى مواجهة التحديات الصعبة التى تمر بها البلاد.. وليست هى الرؤية أو الحل الوحيد الذى يحتفظ به فى أدراج مكتبه بالاتحادية. لأنه من الطبيعى أن نسأل: لم لا يزور الرئيس الجامعات ويلتقى بطلابها.. ولم لا يفاجئ المستشفيات الحكومية وأقسام الشرطة، ومكاتب الشهر العقاري، ومكاتب التموين، والأحياء وشرطة المرافق والجوازات، والسجلات المدنية وإدارات المرور ويتفقد الشوارع وكل المراكز التى تقدم خدمات يومية للمواطنين، وتحدث فيها انتهاكات واستباحة كرامة المتعاملين معها. معظمنا أدى الخدمة العسكرية، إما جنودًا أو ضباط احتياط، ونعلم جيدًا بأن الانضباط داخل المؤسسة العسكرية، موجود وبصرامة لا تقبل شفاعة أو وساطة، وليست بحاجة إلى زيارات مفاجئة من رئيس الجمهورية.. وهى تقاليد تتوارثها الأجيال المتعاقبة داخل الجيش. ولكن خارج الثكنات.. الوضع بطبيعة الحال يختلف، ويحتاج إلى اهتمام أكبر من الرئيس، ليس بعقد الاجتماعات إلا للضرورة.. وإنما بممارسة أكثر حميمية مع الشارع، وأن يتوقع أى مسئول أو مؤسسة أو إدارة أن تجد الرئيس بذاته يتفقدها فجأة فى أى وقت أثناء الدوام الرسمي.. ليشاهد الوضع بدون تجميل أو رتوش وبدون سجاجيد حمراء.. يراه كما هو وعلى حاله.. عندئذ يمكن أن نشعر بما يثلج الصدور ويبعث التفاؤل فى النفوس المحبطة والقلوب المتعبة.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف