الأهرام
أحمد فؤاد أنور
التقييم الشعبى.. لأى حكومة
حديث الساعة هذه الأيام هو التغيير الوزاري وحجمه ومن يبقي ومن يرشح لحقيبة وزارية ومن يتم تجديد الثقة به وبالطبع نشهد في مصر تجربة مختلفة عن المألوف لدينا علي مدي التاريخ فمن حق البرلمان أن يعترض ويرفض «الترشيحات» وهي خطوة استبقها بعد ثورة يناير خطوة تمهيدية في ظل عدم وجود برلمان تتمثل في تسريب الأسماء المرشحة لقياس مدي الرضا والقبول وبالفعل تم استبعاد البعض بعد ترشيحه مادام أن قطاعا عريضا من الرأي العام استقبله آنذاك باستهجان أو حتي تشنج..والسؤال الذي يطرح نفسه كيف يمكن تقييم الحكومة شعبيا؟

في البداية لابد أن نعترف بأن هناك مجموعة تسخر من كل شيء وتكرس جل وقتها فقط للتقليل من أي شيء ، وتهاجم بضراوة أي خطوة تتخذ بعد لحظات من اتخاذها أو حتي التفكير في اتخاذها لمجرد الوجاهة الاجتماعية أو لفت الأنظار أو جمع «اللايكات» من الأصدقاء علي مواقع التواصل الاجتماعي..وهؤلاء يتمنون الفشل ليس للمسئول فقط لكن لمصر بالكامل فقط لكي يثبتوا أنهم كانوا علي صواب !! وهؤلاء لا يمكن التعامل مع تقييمهم بجدية ويستحقون دراسة مستفيضة لسلوكهم ليس المجال لها هذه السطور لذا سنكتفي بالدعاء لهم.

وهناك من يقيم وفقا لنجاح الوزير أو فشله في تحقيق الرضا لقطاع عريض من الجماهير وعلي هذا قد تكون نسبة نجاح الحكومة من 15 إلي 25 بالمئة فقط وإذا أقررنا هذا النهج في التقييم سيترتب عليه بالتالي نتيجة مهمة تتمثل في ضرورة تغيير رئيس الحكومة أيضا لأن المسئولية تضامنية.

ومن طرق التقييم الشعبي كذلك مراعاة عند حساب نسبة الرضا عن كل مسئول تراكم المشكلات من عشرات السنوات ثم تفاقمها بعد ثورة يناير وحتي الآن، بالإضافة لمراعاة ترهل الجهاز الإداري للدولة، ومراعاة البعد الاجتماعي والأمني المتمثل في التخلص من هذا الترهل لضبط الميزانيات وإحكام الرقابة فمن المعلوم أن أي إصلاح حقيقي سيواجهة بتحالف من أطراف فاسدة وأصحاب مصالح مع بطالة مقنعة مع إعلاميين متربصين لذا يؤثر المسئول السلامة وتأجيل البدء في العلاج..وكأن مصر لديها ترف إهدار المليارات كل شهر بهذه الطريقة لسنوات أخري قادمة. وعلي أي حال لو اتبعنا هذه الطريقة في حساب مدي الرضا الشعبي فربما ترتفع نسبة الرضا لتصل إلي 60 أو 75 بالمئة.

أهمية التقييم الموضوعي الشعبي أنه بات عنصرا من عناصر إقرار أو رفض أسماء بعينها لتولي مناصب وزارية، وبالطبع من صور هذا التقييم حق البرلمان في الرقابة اللاحقة والمساءلة، بل وسحب الثقة من الحكومة..لذا يجب الابتعاد عن أكليشيهات وتعميم يتم إطلاقه منذ عشرات السنوات بشأن أي حكومة مما يسهم في إحباط المسئول والمواطن العادي في ذات الوقت فالحلول النظرية ما أكثرها لكن الصعب هو التطبيق، وبعض الحلول معلومة حتي لغير المتخصص، لكن يواجه تنفيذها صعوبات ومقاومة من أصحاب المصالح حتي ولو ذهب الوطن بكامله للجحيم. فإذا طرحنا السؤال: كيف تصل للقمر؟ سنجد أن الإجابة النظرية سهلة ومعروفة للجميع: تهبط من منزلك، وتستقل صاروخا للقمر! الأصعب هو تنفيذ هذه الخطة وتحويلها لإجراء ملموس علي أرض الواقع. و(الطريق إلي الجنة) عنوان كتاب سهل أن تؤلفه، لكن الصعب أن تلتزم أنت بما جاء فيه هذا هو الدرس المستفاد الأول من المؤتمر الوطني للشباب في شرم الشيخ. ولذا حري بالمراقب أن يتفحص سلبيات وايجابيات التجربة من حيث الشكل والمضمون..لأن التربص، والتشويه، والتسطيح وعدم الصبر يجعل بالفعل عددا من الشخصيات المتميزة تعتذر عن قبول أي منصب عام مادام أن البيئة والمناخ غير مهيئين لإصلاح حقيقي ومادام أن التقييم الشعبي من قادة المنصات الإعلامية وعلي مواقع التواصل غير موضوعي.

عند الشروع في تقييم شعبي للحكومة يجب فعلا أن نعي أن العبء ثقيل، وأن في المقابل الرقابة الإدارية لا ترحم، وأن المسئول يبحث عمن يعينه ويبلغ بإنصاف عن مواطن خلل وطرق إصلاحها، وأن يصبر علي تجربة المسئول الجديد بتجرد دون أن يترك جسد الوطن ينزف مادام أن مصلحته الضيقة مستمرة. فالمواطن (يريد ويشتكي)، لكنه يجب أيضا أن يقر بأنه (مُطالَب) بمضاعفة الجهد والابتكار والترشيد ومقاومة الفساد. فالحقوق يقابلها في العالم المتحضر كله واجبات والتزامات صارمة وشعور بالمسئولية.

وفي المقابل نأمل في إيقاع أسرع من الحكومة الجديدة، ومزيد من الشفافية، والمصارحة بشرح مبسط للناس، وأن يتم استغلال طاقات الشباب بشكل أفضل، حتي ننطلق نحو الهدف المنشود للجميع وتنجح المنظومة وتصل مصر للمكانة التي تستحقها. ومن المؤكد فإن أي مسئول يريد أن يحقق النجاح لنفسه ولوطنه ويستفز المشاعر افتراض التخريب المتعمد أو عدم القدرة مسبقا في كل مسئول.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف