الجمهورية
لويس جرجس
هوية مصر في فكر أحمد رُزة
مر يناير وانشغلنا بارتفاعات جنونية في الأسعار طغت علي ماعداها. حتي نسينا ذكري وطني غيور أعطي كل جهده لمصر ولشعبها الطيب. وحاول قدر مستطاعه أن يقدم لها وله شيئًا يبقي. فكان له ما أراد. ويبقي أن نظل نحن لذكراه أوفياء. إنه أحمد عبد الله رُزىة زعيم الطلبة في انتفاضة 1972 المطالبة بالاستقلال الوطني والعدالة الاجتماعية. وفي ذكراه أستعيد بعضًا مما قدمه في حب مصر:
¢هوية مصر مبني تاريخي ومعاصر ومستقبلي يقوم علي أربعة أعمدة رئيسية: أولها هو تراث الحضارة المصرية قبل الإسلام. وهو تراث عميق في التاريخ ولا يمكن أن يمحي بجرة قلم... وفي إطار هذا العمود يصبح التراث القبطي مسألة مهمة للغاية. لأنه بالمعنيين الكمي والكيفي هو امتداد لتلك الفترة. امتداد مازال قائمًا في البشر المصريين الذين مازالوا يدينون بالديانة المسيجية باعتبارهم أحفاد هؤلاء الأجداد. وان كانوا طبعًا ليسوا وحدهم لأن أكيد 90% من مسلمي مصر أجدادهم أيضًا هم الفراعنة أنفسهم... وبالتالي اعتداد الأقباط بتارخ الحضارة الفرعونية والحقبة التالية مسألة لا تخصهم وحدهم. لأنها تراث مشترك لجميع المصريين.
وثانيها عمود الحضارة الإسلامية. أي عمود الإسلام بمعني العقيدة. والإسلام بمعني التاريخ. والإسلام بمعني التجربة. والإسلام بمعني الحضارة الواسع. وهنا يثار السؤال: كيف يصبح المسيحي في قلب الحضارة الإسلامية رغم أنه غير مسلم؟ إذا عرفت الحضارة بمعناها الواسع. بمعني الابداع الانساني وأشكال الحياة اليومية وجهود العمران للبشر الذين يعيشون بطريقة معينة في نطاق جغرافي معين. بهذا المعني يمكن أن يزول من ذهن المسيحي حساسية أنه يمكن ان يكون منتميًا لحضارة تنتسب إلي دين غير دينه. والمقصود هنا فعلا هو "الحضارة أكثر من العقيدة".
العمود الثالث. أحدث وأكثر تميزًا وله صلة نسب وتاريخ بالإسلام. لكنه ليس بالضبط الإسلام. وهو حركة القومية العربية الحديثة التي نشأت في بلاد الشام لكتها لن تصبح حركة سياسية قوية إلا بدخول مصر في معمعانها. ولا يتصور ان تكون هناك حركة قومية عربية قوية الا بوجود مصر في قلبها.
والرابع هو العمود الإنساني.
إن المصريين ناس من الناس وتاريخهم جزء من التاريخ البشري. وبالتالي علاقتهم بالآخر خارج المكان مثل علاقتهم باجدادهم في الزمان. مثل علاقتهم بالمختلفين داخل الوطن في المكان. هناك دائمًا تفاعلات إنسانية معقدة بين البشر وبعضهم البعض. علاقتي بأخي الذي داخل وطني الذي يماثلني في الدين. وعلاقتي بأخي غير الشقيق داخل وطني الذي يخالفني في الدين. علاقتي بجدي المباشر. وعلاقتي بجدي غير المباشر. وعلاقتي بالانسان الذي يجاور حدودي. وعلاقتي بالانسان الذي أبعد من حدودي. أي في أربعة أرجاء المعمورة. هذه كلها اشكال للتفاعل البشري لا يمكن اخراجها من هوية الامم. من كتاب ¢الوطنية المصرية¢. وهو كتاب أري ان يكون بين مناهج الدراسة لطلاب الاعدادي أو الثانوي.
لقطة:
اليوم 4 فبراير. ذكري ميلاد المفكر سلامة موسي. والعبقري جمال حمدان. والكاتب المسرحي سعد الدين وهية. ووفاة الفنان النوبي الأصيل أحمد منيب. فعلاً ¢مصر وَلىادة¢.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف