عبد النبى الشحات
وكم من "مطيعة" تتمني لقاء الرئيس ؟!
حينما قررت السيدة ¢مطيعة¢ الاسوانية البسيطة ان تجازف وتقطع موكب الرئيس طلبا للقائه حتي تعرض مشكلتها الصحية املا في العلاج علي نفقة الدولة.. فهذا معناه ببساطة أنها استنفدت كل السبل مع المسئولين داخل الإقليم وخارجه وبات الأمل الوحيد لها لتلبية مطلبها هو لقاء الرئيس شخصيا مهما كان الثمن.. ورغم الموقف الإنساني الرائع والنبيل من السيد الرئيس تجاه السيدة الاسوانية باحتضانها وحل مشكلتها فورا.. يبقي السؤال الاهم وكم من سيدة في مصر من أمهاتنا وابائنا الغلابة يعانون مما تعاني منه السيدة "مطيعة"؟! ويذقون العذاب ألواناً علي ابواب المسئولين أملا في العلاج دون ان يسأل عنهم أحد ...ثم هل كل مواطن يحتاج للعلاج عليه أن يلتقي راس الدولة ليحل مشكلته ؟! فأين إذن دور وزارة الصحة ومحافظ الإقليم وسائر المسئولين بمديريات الصحة بالمحافظات؟!وهل يعقل أن نلجأ للرئيس في كل كبيرة وصغيرة؟!
أن ماحدث مع سيدة أسوان بسفرها علي الطائرة فورا ونقلها للعلاج علي نفقة الدولة بأحد مستشفيات القاهرة يعني ببساطة أن لها حقاً فشلت في الحصول عليها إلا بعد تدخل الرئيس شخصيا وهذا امر يستوجب المحاسبة بل المساءلة لسائر المسئولين المقصرين الذين يفقدون الاحساس بالمسئولية تجاه الوطن قبل المواطن في الحصول علي حقه في العلاج وهو حق كفله له الدستور حينما نص صراحة في المادة 18 منه ¢لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة. وتكفل الدولة الحفاظ علي مرافق الخدمات الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل علي رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل. وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيًا حتي تتفق مع المعدلات العالمية. وتلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحي شامل لجميع المصريين يغطي كل الأمراض. وينظم القانون إسهام المواطنين في اشتراكاته أو إعفائهم منها طبقاً لمعدلات دخولهم. ويجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان في حالات الطوارئ أو الخطر علي الحياة. وتلتزم الدولة بتحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض والعاملين في القطاع الصحي. وتخضع جميع المنشآت الصحية. والمنتجات والمواد. ووسائل الدعاية المتعلقة بالصحة لرقابة الدولة. وتشجع الدولة مشاركة القطاعين الخاص والأهلي في خدمات الرعاية الصحية وفقاً للقانون "فأين نحن من هذه النصوص الدستورية".. لاتعليق؟!
هل ينتفض البرلمان الموقر لإقرار قانون التأمين الصحي الجديد ويمنحه الاولوية المطلقة في المناقشة.. مجرد سؤال؟!
لقد أصبح البحث عن غرفة عناية مركزة أو حضانة دربا من دروب الخيال في كثير من مستشفيات المحافظات.. والغلابة لايستطيعون تحمل نفقات العلاج في المستشفيات الخاصة.. لاسامحكم الله؟!
المواطن الغلبان يشتري العلاج الآن "بالحبة" او بالشريط بدلا من العلبة كاملة نتيجة ارتفاع أسعار الدواء بعد تعويم الجنيه.. وفشلت وزارة الصحة في علاج الازمة في البداية برغم التصريحات غير المسئولة التي خرجت في بداية الازمة لتعلن كالعادة ان اسعار الادوية لن تتأثر وهو مالم يحدث لعدم منطقية التصريح اصلا.. وللاسف دخلنا في صراع طويل بين الوزارة وشركات الادوية ومن بعدها مع نقابة الصيادلة التي اعلنت هي الاخري الدخول في إضراب جزئي.. ليدفع المواطن البسيط في النهاية الفاتورة نتيجة غياب الرؤية وإنعدام التخطيط لمواجهة مثل هذه الملفات التي تمس صحة المواطن.
علي فكرة أغلب دول العالم الثالث.. بلاش المتقدم لديها هيئة متخصصة للسلامة والرقابة علي الادوية تتولي هذا الملف برمته حتي الصومال شكلت هذه الهيئة مؤخرا بينما نحن مازلنا في مصر نفكر في تشكيلها.. مش قلتكم مافيش رؤية؟!
بالمناسبة حينما قررت امريكا وحلفاؤها الضغط علي مصر أيام الزعيم جمال عبد الناصر في مسالة استيراد الأدوية قرر إنشاء أول شركات مصرية في المنطقة باسرها لإنتاج الدواء فسبقنا حينذاك دول كثيرة علي مستوي العالم وبدلا من ان نصبح اكبر مصدر للادوية علي الاقل للسوق الافريقي أصبحنا اكبر مستورد ؟!
حتي ألبان الاطفال نستوردها من الخارج وليست لدينا القدرة علي إنتاجها محليا لتغطية احتياجاتنا.. فهل نفيق قبل فوات الاوان.. إنا لمنتظرون؟!
المنظومة الصحية في مصر تحتاج إلي إعادة هيكلة بالكامل حتي يجد المواطن العلاج دون وساطة او محسوبية وفقا لنص الدستور.. يارب نفهم؟!