الرأى للشعب
كلير نصيف
أنـت وهـم.. أنـت حلـم!

رأيتك ولم أتذكرك، ولكنك فاجأتني بأنك تعرفني منذ سنين مضت، ففتشت داخل ذاتي وتجولت في أنحاء ذاكرتي وسألت نفسي.. هل رأيتك قبلا؟ فلم تسعفني الذاكرة ولم تدلني حواسي علي شيء، ولكن.. وآه من لكن هذه.. أخذ خيالي يلح علي مرارا وصورتك تأتي وتذهب من أمام عيني وصوتك يأتيني ليوقظ بداخلي شيئا قد خمد من فترة طويلة.. كنت أطلبك بأي حجة لأحثك علي الحديث معي لكي تطول المكالمة!

والآن أسألك .. من أنت ؟ من أنت لتذيب جبل الجليد الذي هو أنا؟ من أنت لتحرك ما بداخلي من أحاسيس ومشاعر؟ .. اعتقدت في وقت ما أنني فقدتهما وسط زحام الحياة .. ثم تأتي أنت الآن وتضيء النور وتفتح ستائري المغلقة ليدخل شعاع الشمس ويوقظ تلك المشاعر والأحاسيس النائمة ويدفئها!

ماذا بك ومن تكون ؟ ولماذا أنت بالذات ؟ وأنا ألتقي كل يوم أناسا آخرين كثيرين لا يستطيعون أن يشعلوا ولو فتيلا واحدا داخل ظلمات قلبي .. صارحني وأفصح عما بك ، ومن تكون ؟ أخبرني ما هذا الذي يدفعني نحوك ؟ فربما أكون أنا حلما وسرابا ووهما .. والآن أسألك للمرة الأخيرة وأرجوك أن تجيبني بكل صراحة!

وجاءني جوابك .. قلت لي من غير أن تتفوه به .. أنك بعيد جدا عني وأنك بالفعل سراب ظهر لي فجأة وسط صحراء قاحلة أسير فيها فاعتقدت لوهلة أنني وجدت ضالتي التي أبحث عنها .. لكن يا صديقي هذا السراب لا يروي ظمآن! .. إنه يلمع من بعيد ويعتقد العطشى أنه ماء سلسبيل فيهرعون إليه وكلما اقتربوا منه يجدونه يبعد عنهم ، وهكذا ينهبون الأرض نهبا ليصلوا إليه، وهو ينهب الأرض نهبا ليبتعد عنهم ! .. جوابك لي لم تقله ، ولكني أحسست وشعرت به!

يا سيدي الفاضل.. لا تعتقد أن الذي أطلبه منك حبا .. فالحب له مواصفات أخري لا يعلمها ولا يعرفها إلا من يمتلئ قلبه بالحب وعقله بالمعشوق!

إن الحب يا صديقي لا يأتي في لحظة.. والذي يأتي سريعا كما حدث لي هو إعجاب مغلف ومضفر بالطمأنينة دخل عقلي متسللا وأنار للحظات الظلمة التي به.. أما الحب الحقيقي فهو حدوته كبيرة تبدأ من الاهتمام والرعاية والتفاني والسؤال الدائم عن المحبوب والاحتواء الكامل له حتى يصبحا روحا واحدة في جسدين لا يستطيعان الافتراق لحظة واحدة عن بعضهما حتى لو كان جسديهما بعيدان تماما عن تواصلهما ، وتفرق بينهما ظروف ومسافات وبحور ووديان.. لكن دوما هما متلاحمان .. هائمان مع بعضهما البعض .. وهذا هو الحب الحقيقي!

ولك أن تعرف أنه لم يقهرني تصريحك الصامت لي ولم يدميني لأنني تعودت علي قهر الزمان لذاتي، وأنه كان في الماضي يسحقني ويميتني، والآن يجرحني فقط وبدون أي نزيف.. يشقيني ولكن لا يحرقني.. فلا تخف ولا تصمت وقل لي بكل جرأة أنك فعلا سراب، وأنك وهم، وأنك حلم، ولن تكون في يوم من الأيام حقيقة واقعة في حياتي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف