محمد جبريل
من المحرر.. القراءة للجميع
إذا كانت حياتنا الثقافية قد حفلت - في الأعوام الأخيرة - بالإيجابيات والسلبيات التي تستحق التأمل والمناقشة ومحاولة التوصل إلي النتائج الصحيحة فلعل مشروع القراءة للجميع أو مكتبة الأسرة هو أهم ايجابيات الفترة الماضية. انه محاولة جادة للتغلب علي مشكلة الكتاب المتمثلة في ارتفاع اسعار الخامات وتكاليف الطباعة وهو ما انعكس علي قيمة الكتاب نفسه. قفزت اثمان الكتب إلي أسعار فلكية بالاضافة إلي عوامل اخري في مقدمتها النشر الالكتروني وتعدد وسائل الاعلام السمعية والبصرية.
كان لي تحفظ - معلن - علي مشروع مكتبة الاسرة وهو تحفظ لا صلة له بالمشروع في ذاته فهو اشبه بطوق النجاة لصناعة نشر الكتاب في بلادنا في مواجهة ظروف قاسية دفعت العديد من دور النشر إلي التوقف أو تحويل انشطتها بل ودفعت بعض المحسوبين علي صناعة النشر إلي تبديل المواقع فالمؤلف يدفع لينشر كتابه بدلا من ان يتقاضي مقابلا لنشر الكتاب!
أما التحفظ فلأن المشروع اقتصر علي هيئة الكتاب. تمنيت ان يشارك فيه كل - أو معظم - دور النشر الجادة بما يعيد لصناعة النشر مكانتها القديمة وهو ما تحقق- إلي حد كبير- فيما بعد فلم تعد هيئة الكتاب هي الناشر الوحيد لكتب المشروع وإنما اسهم فيه الكثير من دور النشر.
ما يتردد من ان نقص الامكانات المادية قد لا يتيح المواصلة لمشروع مكتبة الاسرة يعني حدوث ارتباكات في عملية النشر بل انه قد يقضي علي صناعة النشر تماما والنشر - كما نعلم - ليس مقصورا - أو هذا هو المفروض- علي هيئات وزارة الثقافة.
ثمة دور نشر مهمة أخري يجب ان يتاح لها نشر الكتاب في صورته الحقيقية: مؤلف يتقاضي ثمنا لمؤلفه وناشر يطبع الكتاب ويوزعه بسعر يعين علي اقتنائه.
الكتاب هو الثقافة والمعرفة والإبداع.
ورذا كانت هيئة قصور الثقافة تصدر مطبوعاتها بدعم مادي فإن الدعم يجب ان يحتضن مشروع القراءة للجميع بحيث تتحقق الجدوي لأبعاد المثلث: الكاتب والناشر والقارئ!