احمد المنزلاوى
بعد التحية. .. مئوية بلادي
كتبه شيخ المؤلفين ولحنه شيخ الملحنين وأعاد توزيعه موسيقار الجيلين وتحول إلي نشيد وطني في الربع الأخير من القرن العشرين.
رددته الملايين في المناسبات الوطنية والطوابير المدرسية والمباريات الرياضية وكانت المرة الأخيرة في قاعة المحكمة الإدارية.
يوافق العام الحالي "2017 م" ذكري مرور مائة عام علي كتابة نشيد بلادي بلادي و110 أعوام علي خطبة الزعيم مصطفي كامل الأخيرة بالإسكندرية بعد رحلته الأوروبية.
كتب النشيد الشيخ محمد يونس القاضي. أحد رموز الحركة الأدبية والوطنية خلال ثورة 1919 والقرن العشرين. تعرف علي مصطفي كامل سنة 1905 وطلب منه أن يشرح خطبة للجماهير التي يلقيها بالفصحي والانجليزية والفرنسية من خلال أحاديثه وأعماله الأدبية.
استلهم القاضي نشيد بلادي بلادي من الخطبة التي ألقاها مصطفي كامل بمسرح زيزينيا وهي الخطبة التي قال فيها كلماته المأثورة: "لو لم أكن مصرياً. لوددت أن أكون مصرياً".
عاد من رحلته مجهدا متعبا ورغم ظروفه الصحية القاسية ألقي خطابه. سافر للعلاج بالعاصمة الفرنسية باريس وقطع رحلته وسافر إلي لندن "العاصمة البريطانية" ليندد بحادثة دنشواي التي وقعت بمركز الشهداء بالمنوفية .1906
أعلن خلالها مصطفي كامل قيام الحزب الوطني وكان برنامجه الأساسي الاستقلال لمصر والحرية للمصريين.
قال مصطفي كامل: "بلادي بلادي. لك حبي وفؤادي. لك حياتي ووجودي. لك روحي ودمي. لك عقلي ولساني. لك لبي وجناني. فأنت أنت الحياة ولا حياة إلا بك يا مصر".
والجنان بفتح الجيم: القلب.
ألقي الخطبة في 22 أكتوبر .1907
مصطفي كامل "1874 - 1908" قائد الحركة الوطنية مطلع القرن العشرين. أبوه الضابط علي محمد من مواليد قرية كتامة ـ بسيون ـ غربية.
في 14/8/1874 التحق بمدرسة الحقوق المصرية 1891 وتخرج من كلية الحقوق جامعة تولوز الفرنسية. كتب 1898 كتاب المسألة الشرقية وكتب مسرحية بعنوان فتح الأندلس وأسس جريدة اللواء 1900 ونادي بإنشاء الجامعة المصرية ولم يترافع إلا في قضية واحدة هي قضية بلاده واستقلالها.
توفي في 10 فبراير 1908 وشيعته الملايين في جنازة مهيبة. ظهرت القاهرة خلالها كأنها فرشت ببساط أحمر "لون طرابيش المودعين".
وقعت حادثة دنشواي 13/6/1906 وصدر فيها الحكم بعد محاكمة صورية 27/6/1906 وتم تنفيذه بالقرية أمام أهلها 28/6/.1906
تم إعدام مجموعة من الفلاحين شنقاً وجلد مجموعة أخري وسجن مجموعة ثالثة في مشهد ينطق بالوحشية هز وجدان الأمة المصرية وأدانه العالم ومن بينهم المفكر الإنجليزي جورج برنارد شو "1856 - 1950".
سافر الشيخ يونس القاضي إلي الإسكندرية 1917 للقاء فنان الشعب الشيخ سيد درويش. تجول في عربة حنطور للبحث عنه طول النهار حتي تأكد صاحب العربة انه شاعر ودله علي المقهي الذي يقيم بحجرة داخله.
كان اللقاء حاراً وباسماً. قدم فيه شيخ المؤلفين لشيخ الملحنين مجموعة من القصائد والأغاني الوطنية والعاطفية منها نشيد بلادي بلادي وبدأ التعاون الفني بين القطبين الكبيرين.
ظهر النشيد بقوة خلال ثورة 1919 بعد نفي سعد زغلول إلي مالطة 1919 وسيشل 1921 ورددته الجماهير في كل المناسبات وكان آخرها في 16/1/2017 بعد صدور حكم الدائرة الأولي من المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار أحمد الشاذلي بمصرية جزيرتي تيران وصنافير "شمال البحر الأحمر".
أصدر الرئيس الراحل أنور السادات قراراً باعتماد بلادي بلادي نشيداً وطنياً سنة 1979 بدلاً من نشيد "والله زمان يا سلاحي" وكلف الموسيقار محمد عبدالوهاب بإعادة توزيعه ومنحه رتبة اللواء الشرفية وارتدي عبدالوهاب الزي العسكري خلال عزف النشيد.
يقول مطلعه:
بلادي بلادي بلادي
لك حبي وفؤادي
مصر يا أم البلاد
أنت غايتي والمراد
وعلي كل العباد
كم لنيلك من أيادي
وفي ختامه يقول:
مصر أولادك كرام
أوفياء يرعوا الزمام
سوف نحظي بالمرام
باتحادهم واتحادي
والمرام: الهدف أو الغاية
قال أمير الشعراء أحمد شوقي في رثاء فتي مصر مصطفي كامل:
هل قام قبلك في المدائن فاتح
غاز بغير مهند وسنان
يدعو إلي العلم الشريف وعنده
إن العلوم دعائم العمران
وفي الختام نكررها:
بلادي بلادي بلادي
بوفؤادي