الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
لماذا تقام المباريات ليلاً
في هذا الجو الشديد البرودة.. في هذا الجو القارص الذي يقرب من صقيع القطب الشمالي.. تنتهي أهم مباريات ينتظرها كل الناس.. فمن هم أكثر الناس تأثراً بهذا الموعد غير المناسب علي وجه الاطلاق!!.
لا تقل لي اللاعبون والحكام والمدربون.. فهؤلاء دائمو الحركة والنشاط.. وهناك "التسخين" المستمر للعضلات.. وتبدأ المباراة فينزل العرق والسخونة لمدة ساعتين.. قيل إن الليل عموماً والجو البارد خير وقت ينتج فيه اللاعب والحكم أيضاً.
ولا تقل لي المتفرجون الذين يدخلون في وسط كميات من الصوف والأقمشة الدافئة التي تعطي الدفء التام طوال الوقت.
ولكن هناك من يعاني بشدة من هذا الوقت القاتل الذي تنتهي فيه المباراة.. بل عملهم يبدأ بعد انتهاء المباراة.. ويستمر ساعة أو أكثر بعد صفارة الحكم النهائية.. هؤلاء هم صحف الصباح!!.
نحن في الأيام العادية نطبع قبل الساعة الثامنة مساءً.. هناك قطار الصحافة يحمل الصحف إلي القري والنجوع في الشمال حتي الساحل وفي الجنوب حتي النوبة.. وهناك طائرات تسافر كل ليلة إلي بلاد الدنيا.. وهناك أهل التكنولوجيا الحديثة التي تنتظر الصحف لتصويرها.. فملايين يقرأون الصحف علي ما يسمونه "النت" بدلاً من القراءة علي الورق الذي أصبح موضة قديمة.. عندي في منزلي حجرة بها كل هذه الآلات الحديثة والشاشات المختلفة لم ادخلها في حياتي.. وعلي ما يسمونه "النت" لي أقارب في الخارج يقرأون الصحف في نفس الوقت الذي نقرأ فيه نحن نفس الصحف.. العلم والفكر والعقل نفسه يتطورون ونحن نحارب العباقرة الصغار والكبار علي رأي الزميل والصديق إبراهيم حجازي.
***
من أجل كل هؤلاء يجب أن نطبع قبل الساعة الثامنة مساءً!!!.. وإلا ضاعت نسبة كبيرة من التوزيع وضاعت الإعلانات وغضب المعلنون وبالتالي ضاع جزء كبير من إيراداتنا!!.. لذا نطبع صحفاً ليس فيها أي شيء عن المباراة... بلاها المباراة رغم أن الناس لا تزيد أن تقرأ أي شيء سوي عن المباراة وما قبلها وما بعدها!!.. وهذه ما نسميها "الطبعة الأولي".. لذا تجد المباراة مازالت أمامك علي الشاشة وتسمع صوت بائعي الصحف ينادون عليها.. بعض الصحف تعمل ما يسمونه "الطبعة الثانية" بعد الشوط الأول وقد عدلت معظم هذه الصحف عن هذه الطبعة لأن القراء لا يشترون سوي "الطبعة الثالثة" والأخيرة التي تنشر كل شيء بالصور مع نسمات الفجر وبالتالي تزيد خسائر الجريدة لعدم شراء الطبعة الثانية أيضاً.. كارثة مالية للجريدة أيضاً.
***
ألم أقل لكم إن انتهاء المباريات خاصة الهامة.. في الساعات الأخيرة من الليل فيها غرم ومعاناة للصحف الصباحية عكس الصحف المسائية التي تنتهز الفرصة وتنزل السوق في وقت مبكر بقدر الإمكان فتزيد من معاناة صحف الصباح!!!.
***
كان زمان كل المباريات تقام بعد الظهر.. بل في "تمام الساعة الثالثة بعد الظهر".. كان هذا هو الموعد المحدد المقدس الدائم.. لم تكن هناك أعمدة النور ولا الساعات الإلكترونية في الملاعب لغاية وقت قريب.. ثم بدأت الدول الأوروبية والأمريكية تقيم المباريات ليلاً خلال أشهر الصيف فقط.. ثم تقرر إقامة كل المباريات ليلاً في الصيف والشتاء لأسباب مادية وصحية.. عدد المتفرجين زاد واللعب في البرد مفيد صحياً للاعب والحكم معاً.
ولما تمت إضاءة معظم ملاعبنا قررنا تقليد أوروبا وأمريكا واللعب ليلاً لنفس السببين.. ولأسباب أخري خاصة بنا.. عندما كانت المباريات تقام في الثالثة بعد الظهر كان الموظفون والطلاب "يزوغون" من الوزارات ومن المدارس وكان نظار المدارس ومديرو المكاتب يرفضون قيد الغياب لأنهم هم أنفسهم كانوا "يزوغون"!!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف