سكينة فؤاد
عن الكرة.. والنواب.. والشعب
كل هذه القدرة على الفرحة رغم المتاعب والأزمات والمخاطر والتهديدات التى تملأ حياتهم.. أتحدث عن مساء الأربعاء 1/2/2017 الذى عاشه ملايين المصريين على أعصابهم فى انتظار لحظات فوز فريقهم فى البطولة الإفريقية... فى رأيى أن الأمر تجاوز عشق كرة القدم إلى أشواق حارة لفوز وانتصار بلادهم... لم تكن ليلة فى حب رياضة ولكن ليلة فى حب وطن. وفى الاستمتاع بمذاق وزهو حصد البطولة ورفع أعلام بلدهم.. ومن يرون كيف كان عظم فرحتهم لا يصدقون أن هؤلاء هم المعذبون الذين تحترق أيامهم بنار تضخم وغلاء لم تحسب حساباته، وقرارات لم يدرس جيدا ما سيترتب عليها، خاصة بعدما عانوا وكابدوا وحرموا عشرات السنين وأيضا لم تتخذ الإجراءات وتصدر القوانين التى تحميهم من تجار وأثرياء الحرب الجدد.. المصريون الذين يواصلون ببسالة وصلابة عجيبة مواجهة جماعات إرهابية تتجر بالدين وتغتال أغلى وأعز أبنائهم، ومن الذين أسقطتهم الأزمات الاقتصادية من الطبقة الوسطى إلى الأدنى والأدنى حيث الملايين من صناع الحياة وسط أقسى وأصعب الظروف. وقاموا بثورتين ليستردوا حقوقهم الأصيلة فى بلادهم المسروقة والمنهوبة ويجانبه الصواب من يصفها بالفقر بينما أفاض الله عليها بلا حدود فى الثروات الطبيعية والبشرية والتى إذا أحسن ورشد استثمارها وإدارتها وتوزيعها لكانت من أغنى الدول.
بدا لى فى عظم بهجة واحتفاء المصريين ـ حتى من لا يعرفون ولا يفهمون مثلى فى الكرة ولا صله لهم بها اللهم إلا أن تنتصر وتفوز بلادهم ـ بدا لى أنهم جميعا يريدون بالفرحة التى انطلقت من أعماق قلوبهم أن يستعلوا على ما يعصف بحياتهم من ظروف بالغة القسوة وعلى ما يشهدونه من وقائع وأحداث يتحول فيها كبار إلى صغار يبحثون وسط الظروف الاستثنائية والحرب التى تعيشها بلادهم عن مزيد من المكاسب فوق ما بين أيديهم. وكأن الثورة قامت لتشهد مصر طبعات جديدة من المتربحين والمتجرين بالوجاهة والمناصب والتمييز والسلطة والفساد والإفساد!!
وإذا كان هذا قد حدث من صناع مآسى الأمس الذين أسقطتهم الملايين فى 25/1 ثم فى 30/6 فكيف يقبل من كثيرين جاءت بهم الثورة ليمثلوا مصر الجديدة والمعطيات التى ينتظرها الشعب منهم؟! هل تقوم أجهزة فى الدولة برصد أمين لتوجهات الرأى العام خاصة من يمثلون الأرصدة والظهير الشعبى وعلى استعداد لتحمل وفعل المستحيل من أجل سلامة وكرامة بلدهم، ما هى أصداء انتشار أخبار مثل مطالبات برفع مكافآت مجلس الوزراء وأن يكون المعاش 80% من الراتب الجديد.. وهل يتحقق هذا لجميع العاملين فى الدولة وكيف يتلقى مثل هذه الأخبار من نهب النظام الأسبق معاشاتهم وتأميناتهم وأدخلها فى ميزانية الدولة وفشلت جميع محاولاتهم لحلول عادلة ورد حقوقهم المسلوبة.. هل يدرى أحد بحجم معاناة بشر فى سنوات عمر أخيرة ترتبط بالضعف والوهن والمرض مع جنون أسعار الحياة وما وصلت إليه أسعار الدواء بالتحديد.. وأنه من المنتظر حدوث زيادات جديدة!!من يصدق ماتناولته صحيفة أخبار اليوم 28/1/2017 بعنوان أزمة داخل الجامعات بسبب رواتب أعضاء البرلمان .
وعن الأزمة يوضح الكاتب أ. محمد فياض أن الدستور ينص على ضرورة تفرغ عضو البرلمان تفرغا كاملا وبالتالى ليس من حقه تقاضى أى عائد مادى من الجامعة ولا يمارس أى عمل بها طبقا لقانون تنظيم الجامعات لمدة أربعة أيام كل أسبوع لأنه عضو بالبرلمان إلا أن بعض الجامعات ارتعشت قياداتها وقامت بصرف الراتب الأساسى فقط لعضو هيئة التدريس عضو البرلمان دون بدل الجامعة والبدلات الأخرى وجامعات أخرى قررت صرف كل مستحقات أعضاء البرلمان بما فيها مكافأة الامتحانات التى لا يعلمون عنها شيئا خوفا من تهديدات أعضاء البرلمان كما فعلت إحدى النائبات!! د. خالد سمير المتحدث الرسمى باسم الائتلاف الموحد لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية وعضو مجلس نقابة الأطباء يؤكد أن المشرع الدستورى كان حكيما عندما نص لأول مرة فى الدساتير المصرية على تفرغ عضو البرلمان وحفظ وظيفته فى مكان عمله طبقا للمادة 103 من الدستور لهدفين أساسيين.. الأول لمنع الفساد بألا تستغل بعض الجهات أعضاء العاملين لديها للحصول على ما لا تستحق وتحييد الرقابة والثانى بألا يستغل عضو البرلمان حصانته ومهمته التشريعية والرقابية لمصلحته الشخصية فى مكان عمله، وأضاف د. خالد أنه للأسف الشديد قام رئيس البرلمان وهو عضو هيئة تدريس أيضا وأستاذ قانون ويعلم جيدا أن أعضاء هيئة التدريس بالذات ودونا عن كل العاملين بالدولة أن قانون تنظيم الجامعات 49 لسنة 72 المعدل بقانون 84 لسنة 2012 ينص على تفرغهم لمدة أربعة أيام للعمل فى الجامعة وفسرت هيئة الفتوى والتشريع التفرغ بأنه ليس الوجود المادى بقدر التفرغ الفكرى للتدريس والبحث، وشددت على عدم تعاقد عضو هيئة التدريس أو تلقيه أجرا أو مكافأة من أى جهة أخرى خارج الجامعة بل أصدرت المحاكم التأديبية فى السنتين الأخيرتين أحكاما بفصل عشرات من أعضاء هيئة التدريس بحجة عملهم وتلقيهم أجرا من جهات خارج الجامعة لأكثر من ثلاثة أيام لأنه يتعارض مع نص القانون بالتفرغ أربعة أيام بل إن المادة 86 مكرر المقررة بالقانون 142 لسنة 94 تنص على أن كل عضو هيئة تدريس يتولى منصبا عاما يعتبر فى حكم المُعار من الجامعة حتى يترك المنصب العام ـ ورغم كل ذلك فقد خاطب رئيس مجلس النواب د. على عبد العال رئيس المجلس الأعلى للجامعات وأصدر تصريحات تحمل نبرة التهديد رغم أن له مصلحة شخصية فى ذلك كونه أستاذا متفرغا بجامعة عين شمس!!
هل هذه هى القدوة التى يقدمها بعض أعضاء مجلس النواب ورئيسه باستحلال مخالفة الدستور وقبلها باستحلال الأعضاء من دفع ضرائب يدفعها الشعب..؟!! وأن يتطور التمييز بإباحة الحصول على أموال عن أعمال لا يؤدونها.. أما أحدث المآسى حتى الآن فهى إعلان أن موازنة المجلس أمن قومي؟!!!
كيف ـ ومتى أصبح محرما على الشعب المالك الأصيل لمجلس النواب أن يعرف أدق المعلومات عنه وعمن اختارهم ليمثلوه ويمثلوا ثورته وآماله وطموحاته لنفسه ولبلاده وليكونوا المثال والقدوة والبناءين الحقيقيين لدولة ديمقراطية حديثه، العمود الفقرى لقوتها مجلس نواب يتبنى هذه الآمال والطموحات ويضع القوانين التى تؤمنها وتحميها ويرفض كل ما يحمى مصالح خاصة وفاسدة فى لحظات مصيرية ووسط تحديات ومهددات بالغة الخطورة يتحملها شعب عظيم بشرف وتضحيات هائلة.