المصرى اليوم
حمدى رزق
شيوخ فى السجون!!
لفتتنى رسالة الدكتور يحيى نورالدين طراف، وأنشرها بنصها ودون تعقيب لا أملكه حقاً، فالود ودى أن تتسع قوائم العفو الرئاسى لتشمل شيوخ السجون الطاعنين فى السن، والمرضى بأمراض لا يمكن علاجها فى السجون بل تضاعف السجون أمراضهم وتورثهم هلاكاً، كما أنتظر رداً شافياً من الدكتور أسامة الغزالى حرب، رئيس لجنة العفو عن شباب المسجونين، لنضع المشكلة فى بؤرة الرأى العام الذى هو الحكم فى الأخير.

وإلى نص الرسالة المهمة:

جاء بـ«المصرى اليوم» أول فبراير أن لجنة العفو الرئاسى التى شكلها رئيس الجمهورية، بصدد إعداد «قائمة ثالثة» للشباب المحبوسين لعرضها على رئيس الجمهورية، وأن هناك احتمالا لقائمة رابعة. وجاء بالخبر أنه لا مشكلة إطلاقاً فى المحكوم عليهم كالذين ضمتهم القائمتان الأولى والثانية، إنما المشكلة فى المحبوسين احتياطياً رهن المحاكمات ممن تزمع اللجنة ضمهم فى قائمتها الثالثة، حيث يتطلب العفو عنهم قانوناً يصدره مجلس النواب حسب المادة ١٥٥ من الدستور. ولقد جاء بالخبر كذلك أن قائمة رابعة غير مستبعدة، ومن عندى أقول وربما خامسة وسادسة وعاشرة وأكثر حتى يقوم الرئيس بوقف نشاطها!

ولكم أودّ أن أفكر معكم بصوت عالٍ فى هذا الشأن، شأن العفو الرئاسى. فنحن نعلم أن المادة (١٥٥) من الدستور قد نصت على أنه «لرئيس الجمهورية بعد أخذ رأى مجلس الوزراء العفو عن العقوبة أو تخفيفها، ولا يكون العفو الشامل إلا بقانون، يُقر بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب».

وأعضاء لجنة العفو يقولون إنه لا مشكلة فيمن صدرت ضدهم أحكام، ويبدو هذا واضحاً من نص المادة. لكن السؤال الذى يفرض نفسه هو: وما يمنع إذن رئيس الجمهورية من إصدار عفو مماثل عن كل المحكوم عليهم فى مصر، من الشباب وغير الشباب، خاصة أن المادة لم تقيد حق الرئيس فى ممارسة سلطة العفو هذه بحد أقصى من عدد المحكوم عليهم المشمولين به؟

نظرياً، ومن ظاهر النص، لا يوجد مانع، فهل غاب ذلك عن المشرع أو اللجنة التأسيسية للدستور؟ بالطبع لا، فالعُرف جرى فى مصر كما هو فى العالم أجمع أن سلطة العفو الدستورية الممنوحة للسلطات التنفيذية العليا هى الاستثناء وليست القاعدة، وتُرك اختيار تنفيذها لتقدير هذه السلطة الأعلى فى أضيق الحدود، بما يخدم مصالح البلد العليا وأمنها القومى، أو بما جرى العُرف عليه فى مصر من الإفراج عمن أمضوا أنصاف مددهم فى الأعياد ممن ثبت حُسن سيرهم وسلوكهم.

أما أن يقوم الرئيس بمنح توكيل تشكيل قوائم العفو للجنة ما من المجتمع المدنى، مع كل الاحترام لأعضائها، فتقوم بدورها بوضع حيثيات من لدنها لمن ترى أنه جدير بهذا العفو، ثم تقوم بتشكيل قوائم العفو طبقاً لما ارتأته هى لترفعها للسيد الرئيس ليوقعها، فهذا وإن وافق فى النهاية ظاهر النص الدستورى، إلا أنه يخالف روح الدستور تماماً، ويخالف مبدأ المساواة بين المواطنين، الذى هو مبدأ فوق دستورى.

فاللجنة اختصت الشباب بترشيحاتها، فهل الشباب على رأسه ريشة؟.. كم من كهول وشيوخ فى السجون تابوا عما اقترفوا وأصلحوا، وكم من غارمين خُدعوا وسقطوا فى شراك المرابين، ودخلوا السجون من أجل حفنة جنيهات، وغيرهم وغيرهم. فمن لهؤلاء إذن، وهل يشكل الرئيس لجاناً أخرى للعفو تتولى أمرهم.. أم يختصر الطريق فيعفو عن الجميع، فيدخل البهجة والسرور كذلك على كل أسر المحكوم عليهم فى مصر، أسوة بالشباب؟!

العفو الرئاسى يجب أن يُطبق فى أضيق الحدود، وبدون واسطة بين الرئيس والمحكوم عليه، ويُترك لتقدير الرئيس فقط. لكن حين يتحول إلى آلية وتتولاه لجان، فإن الذين لم يشملهم محقون فيما لو رفعوا القضايا مطالبين بمعاملتهم بالمثل، أو طعنوا فى دستورية اختيار المعفى عنهم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف