محمد جبريل
ع البحري .. حاجتنا إلي استراتيجية ثقافية
مع تعدد مؤسساتنا الثقافية. فإن الحقيقة التي لايختلف فيها اثنان. أن العمل الثقافي في بلادنا يعاني- منذ فترة- أزمة حقيقية.
نحن ندرك ان دور وزارة الثقافة هو توفير امكانيات الابداع. وإتاحة الفرص للمبدعين. من العبث تصور أن دور الوزارة هو تدريس الابداع. فضلاً عن إيجاد المبدعين!
أزمة السينما المصرية- علي سبيل المثال تتبدي في هذه الاعمال التي تعلن أسماؤها عما وصل إليه حال السينما من ضعف مؤكد. وإذا كانت الوزارة قد قلصت دورها لاقالة السينما المصرية من عثراتها المتوالية. فإن هذا الدور ينبغي ان يجاوز الحلول التقليدية حتي يعود الفيلم المصري إلي سابق مكانته التي صنعها فنانون وفنيون. كان معظمم- للعجب - يجهل القراءة والكتابة. والمفروض ان السيادة الان للنظرة العلمية والاداء العلمي. من خلال اكاديمية للفنون. والعديد من المعاهد الفنية.
وقد شهدت اعوام الستينيات ازدهاراً مسرحياً. شارك في صنعه مسرحيات جادة وهزلية. ثمة مسرحيات الحكيم ونعمان عاشور ومحمود دياب وسعد الدين وهبة وميخائيل رومان ورشاد رشدي وغيرهم. إلي جانب مسرحيات التليفزيون التي أسهمت - رغم تفاهة الكثير منها- في خلق حالة مسرحية.
ولعل المشكلة الاولي التي تعانيها هيئة قصور الثقافة هي بعد المسافة- بل والتضاد- بين طموحات المثقفين والاداء البيروقراطي لقيادات الهيئة. تحدد الاداء- منذ عقود- في انشطة محددة. تتسم بالمركزية والموسمية والضجيج الاعلامي. دون محاولات حقيقية لوصول العمل الثقافي إلي كل الاقاليم بصورة دائمة. وثابتة. وعلي الرغم من الاتهام الذي واجه فاروق حسني في بداية توليه وزارة الثقافة- بأنه ينتصر للفن التشكيلي علي حساب الانشطة الفنية الاخري. فليس بوسعنا الان إلا ان نترحم علي المعارض العالمية المتوالية التي كنا نتعرف فيها علي أحدث معطيات الفن التشكيلي علي مستوي العالم!
ولأن الكلمة المكتوبة هي قوام العملية الابداعية. فإن وزارة الثقافة يجب ان تتخلي عن دور المشاهد للأزمة القاسية التي تعانيها صناعة النشر. ومع تقديرنا للدور الذي يسهم به مشروع مكتبة الاسرة في وصول الكتاب إلي القاعدة الاوسع من القراء. فإن الازمة أعمق من هذا الدور. ولعل المثل الاوضح توقف مكتبة مصر- إحدي دور النشر الكبري في بلادنا- عن نشر الكتاب الادبي لاسباب معلنة. في مقدمتها ارتفاع اسعار الورق. وأسعار التكلفة عموماً والمطلوب ان يمتد دعم الدولة لمشروع مكتبة الاسرة. بحيث يشمل صناعة الكتاب في كل ابعادها.
لا أدعو إلي مؤتمر.. فما أكثر المؤتمرات التي اقتصرت نتائجها علي النيات الطيبة. ما أدعو إليه ان تعيد وزارة الثقافة دراسة استراتيجيتها- إن كان لها استراتيجية- من واقع الخطط والنتائج الفعلية. وتطوير هذه الاستراتيجية بالتالي. بحيث يغادر العمل الثقافي عنق الزجاجة الذي أوشك ان يختنق فيه.
كلمات للتأمل: في عام 1948 كتب أتلي رئيس وزراء بريطانيا إلي الرئيس الامريكي ترومان. يندد بطوفان السلاح والمال والمتطوعين الذي ينهال علي الحركة الصهيونية. ويحذره من عواقب زرع الارهاب. أكرر: زرع الارهاب. في المنطقة