محمد الواحي
القاهرة تفتح أبوابها لـ (حماس)
وكأن أعداء الحكومة المصرية كانوا افتراضيين.. إذ انقلبوا على أعقابهم أصدقاء في غفلة من الزمن.. أمضى وفد حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) خمسة أيام في القاهرة بدعوة رسمية مصرية أثناء توجه رئيس الوفد إسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، إلى قطاع غزة قادمًا من قطر. كان بصحبة إسماعيل هنية، عضوا المكتب السياسي للحركة السيد موسي أبو مرزوق وروحي مشتهى، وقابل الوفد الفلسطيني اللواء خالد فوزي، رئيس المخابرات العامة المصرية، ضمن سلسلة من اللقاءات مع المسئولين المصريين لتناول عدد من الملفات المهمة على الصعيد السياسي، واختتمت الزيارة أول أمس (27 / 1)، تزامنت الزيارة تلك مع الذكرى السادسة للثورة المصرية (يناير 2011)، والتي تتهم الأبواق الرسمية المصرية، حركة حماس ليس فقط بالاشتراك فيها، ولكن بتورطها في اقتحام السجون المصرية وتهريبها للنزلاء المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين ومنهم الدكتور محمد مرسي (رئيس البلاد فيما بعد) والذي حصل على حكم بالإعدام في القضية المعروفة إعلاميا باقتحام ( سجن وادى النطرون). الدكتور محمد مرسي حكم عليه القضاء المصري بالمؤبد في القضية المتهم فيها بالتخابر مع حماس رغم أن العلاقة بين الحركة والحكومة المصرية احتكرتها الأجهزة السيادية المصرية منذ عهد مبارك ولا يزال الملف الفلسطيني في جعبتها حتى الآن. التقارب المصري الفلسطيني هذا، والذي جاءت الزيارة في إطاره وهى الثانية من نوعها بعد زيارة وفد حركة حماس للقاهرة مطلع الشهر الجاري، بحضور عضو المكتب السياسي موسى أبو مرزوق – هذا التقارب جاء في خضم أحداث وتطورات كان أبرزها تولي ترامب رئاسة أمريكا وانحيازه الكامل للإسرائيليين وعداؤه للفلسطينيين والعرب أجمعين. اضطرت حركة حماس للتنازل وتطبيع العلاقات مع السلطة الحاكمة في القاهرة والتي تعتبرها (سلطة انقلابية) كما يراها إخوان مصر بالضبط، أما القاهرة فتقاربت مع حركة حماس وتراجعت عن موقفها المناهض للحركة بسبب تردى الأوضاع الأمنية في سيناء واحتياجها لتأمين الشروط الحدودي مع قطاع غزة والبالغ طوله 14 كم (فوق الأرض وتحتها) ومنع تسلل أي عناصر خطرة من القطاع إلى سيناء وخشيتها من اتخاذ غزة قاعدة تشن هجمات على الجيش المصري في سيناء. ارتأت القاهرة أن تنسيقًا أمنيا مع حركة حماس شبيه بالتنسيق مع إسرائيل يحافظ على الأمن القومي المصري، وهو كالدواء المر الذي يجب تجرعه للشفاء، إذن سيتم فتح معبر رفح لأغراض تجارية وإنسانية أيضا، وبالتالي سيخف الحصار على القطاع الذي كانت تستهدف الحكومة المصرية منه إضعاف سلطة حماس في غزة تمهيدًا لإسقاطها لاحقا، فتلك الحكومة ترى حماس إرهابية باعتبارها الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين، وبالتالي لا تستطيع إسقاط الفرع المصري وترك نظيره الفلسطيني وشأنه.. إن الحرب على الإرهاب قلنا من قبل إن المصالحة المصرية تبدأ من غزة وتأتى زيارة (حماس) للقاهرة تعضد من ذلك الرأي، فالمسلسل بدأ، وكانت أولى حلقاته تقارب القاهرة مع إسلاميي السودان، ثم إسلاميي غزة، ولن ينتهي ذلك المسلسل إلا بتطبيع العلاقات مع إسلاميي تركيا ثم إسلاميي مصر في نهاية المطاف.