الجمهورية
صلاح الحفناوى
رجع الصدى .. في الأزمات.. "اللي اختشي" مات
عربة الملح بالإسكندرية كشفت المستور.. المشكلة ليست في قلة المعروض من السلع الغذائية الرئيسية.. ولكن في سلوكنا نحن وطريقتنا في التعامل مع الأزمة.. سيارة الإسكندرية التي حملت شعار المستهلك يأمر.. والتي طرحت كميات كبيرة من السكر بسعر منخفض.. أظهرت كيف يتصرف الكثيرون منا تجاه ما يحل بالوطن من أزمات.. وأكدت ان الأزمة الحقيقية تكمن في ثقافة الأنا التي أصبحت سائدة: أنا ومن بعدي الطوفان.
فبعد أن اكتشف الناس أن السكر ليس سوي ملح.. وأنهم وقعوا في فخ عملية نصب كبيرة علي قارعة الطريق.. بدأوا في البكاء علي الحليب المسكوب.. لنكتشف أن بعضا ممن وقعوا في الفخ اشتري ثلاثين أو أربعين كيلو جراما من السكر الافتراضي.. وأن من اشتري كثيرا كانت مصيبته أكبر وخسارته أفدح.
سيارة الإسكندرية كشفت ثقافة الاكتناز التي أصبحت سائدة في مجتمعنا.. نحن نواجه الأزمات بالاكتناز لتتفاقم وتزداد حدة.. الذين اشتروا عشرات الكيلو جرامات من سكر الملح.. نموذج يتكرر كثيراً في مواقف أخري مشابهة.. ومنافذ التوزيع المتحركة التي تنظمها القوات المسلحة ووزارة التموين وسيارات الداخلية وغيرها.. شاهد علي هذه الثقافة التي لا تعترف بالحصول علي ما يكفينا من السلع الضرورية حتي تنجلي الأزمة.. وإنما باكتناز كميات كبيرة منها لتتفاقم وتزداد حدة.
يحكي لي صديق عما شاهده بنفسه في الولايات المتحدة عندما شاء حظه العاثر أن يتواجد في منطقة إعصار مدمر تسبب في انهيار مرافق الخدمات وتشريد المئات.. وصف لي صديق كيف كانوا يصطفون في طوابير للحصول علي وجبات جاهزة.. وكيف كان كل فرد يكتفي بأخذ وجبة واحدة فقط رغم عدم وجود رقابة أو تحديد لعدد الوجبات التي يحصل عليها الفرد.. كانت الفرصة مواتية للحصول علي أي عدد من الوجبات ولكن أحداً لم يفعل.. لأن هذا معناه حرمان آخرين.. ولأن الأزمة تقتضي أن يكتفي كل إنسان باحتياجاته فقط حتي تنتهي.
الأمر عندنا مختلف.. فما أن حدثت أزمة السكر حتي سعي كثيرون إلي اكتناز كميات كبيرة منه دون مراعاة لحق الغير في الحصول عليه.. ودون تفكير في تأثير ذلك علي تفاقم الأزمة ومن ثم العجز عن مواجهتها.. هذا بالطبع بخلاف التجار الذين قاموا بتخزين كميات هائلة منه لبيعها في السوق السوداء.
وما حدث مع السكر تكرر مع الأرز ويتكرر مع كل سلعة مماثلة.. فالمشكلة ليست في اختفاء سلعة أو أخري ولكن في ثقافة التعامل مع الأزمات.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف