زكى مصطفى
يامبدعين.. يا.. القليوبي .. المشاكس .. المتمرد .. الثوري
آخر لقاء جمعنا في مهرجان الإسكندرية السينمائي نهاية الصيف الماضي.. وخلال إحدي جلساتنا تطرقنا للحديث عن علاقته بجريدتنا الغراء "المساء" حيث مارس معنا كتابة النقد السينمائي في الفترة التي أشرف فيها أستاذنا الراحل.. المثقف والصحفي الكبير "عبدالفتاح الجمل" علي القسم الثقافي.. وفي هذا اللقاء الأخير كتب لي كلمة عن ذكرياته معنا.. قدم من خلالها التهنئة لأسرة "المساء" في عيدها الماضي والذي يوافق السادس من أكتوبر.. وقد نشرت علي صفحات الجريدة في العدد التذكاري الذي صدر بهذه المناسبة.
اتحدث عن الصديق الذي كان يعاني آلام المرض وانتقل إلي الرفيق الأعلي الخميس الماضي - الثاني من فبراير - رحمه الله.. الفنان.. المبدع الكبير الدكتور "محمد كامل القليوبي" أستاذ السينما والباحث العميق الذي كرس حياته للبحث والتدريس في شئون السينما وتاريخها للأجيال الشابة الصاعدة وتخرج من تحت يديه مخرجون شباب واعدون.. استفادوا كثيراً من دراساته وأبحاثه.. خاصة في مجال التوثيق السينمائي.. كل هذا وهو يفضل العيش في الظل بعيداً عن - البروباجندا - التي تصاحب دائماً أي فنان يسعي لعمل الدعاية لنفسه.. أما هو فقد كان بعيداً عن الأضواء لدرجة أنه لم يشعر به أحد أثناء العملية الجراحية التي أجريت له قبل الوفاة.
رحل "القليوبي" بعد سنوات قاربت الـ "74" فهو من مواليد شهر مايو 1943 بحي شبرا في القاهرة وله شقيقة هي الدكتورة "نجلاء القليوبي".. وهو حاصل علي بكالوريوس هندسة جامعة عين شمس عام ..1969 ولعشقه لفن السينما حصل علي دبلوم الدراسات العليا في المعهد العالي للسينما عام 1972 ثم تخصص في كتابة السيناريو والإخراج.. كما حصل عام 1986 علي شهادة دكتوراه عن فلسفة الفن من معهد السينما بموسكو وتزوج من الناقدة الروسية "أولجا فكلووفا" وأنجبا ابنه الوحيد "رامي القليوبي" الذي عمل مراسلاً لوكالة "نوفوستي" وصحيفة موسكو فسكي كمسولتيس في القاهرة.. بعد عودته من موسكو ترأس قسم السيناريو بمعهد السينما في أكاديمية الفنون المصرية في الفترة من 1987 إلي 2006 وخلال رحلته الناجحة تولي مخرجنا الراحل الكبير مناصب عديدة ويصعب حصرها منها: رئاسة المركز القومي للسينما. مقرر لجنة الفنون بمكتبة الإسكندرية. رئيس مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي عام ..2003 بالاضافة إلي أنشطة أخري من بينها.. مشاركته في لجان التحكيم بالمهرجانات السينمائية الدولية والمحلية.. وآخر منصب شغله حتي وفاته هو رئاسته لمؤسسة "نون" للثقافة والفنون.
بقي أن نعرف.. القليوبي.. أو القامة والقيمة الفنية التي افتقدناها.. ليس له رصيد ضخم من الأعمال السينمائية.. لكنه تميز بتقديم الأفلام التي تناولت حياة البسطاء.. ومنها - الروائية - مثل: ثلاثة علي الطريق. البحر بيضحك ليه. أحلام مسروقة. اتفرج يا سلام. الابن الضال. خريف آدم.. أما الأفلام - التسجيلية والوثائقية الطويلة - فقد قدم منها مجموعة ناجحة منها "اسمي مصطفي خميس".. وكل أعماله تؤكد انه فنان صاحب قضية.. ثابت في مواقفه.. لا يعرف النفاق أو المهادنة.. لذلك أطلق عليه النقاد وأهل السينما "المشاكس.. المتمرد.. الثوري".