الأخبار
عبد القادر شهيب
دموع الحضري .. وروح المصريين
لم يكن الحضري وحده هو الذي بكي بعد خسارتنا في المباراة النهائية لكأس الأمم الأفريقية.. شاركه كثيرون البكاء الصامت بلا دموع لاننا لم نحرز الكأس الأفريقية الثامنة ونضيف لبطولاتنا بطولة جديدة تعزز الرقم القياسي الذي مازلنا نحوزه لهذه البطولات.. فقد أحزننا بالطبع جميعا ان نخسر المباراة النهائية خاصة بعد ان داعبنا الأمل بالفوز فيها عندما بادرنا بالتهديف.
ولكن هذا الحزن لم يجعلنا ننسي أننا كسبنا الكثير في هذه البطولة التي خسرنا فيها الكأس الأفريقية.. ليس الأهم في هذه المكاسب هو ما سجله غير مصريين حول عودة مصر بقوة مجددا بعد غياب طال سنوات ست إلي الساحة الكروية الأفريقية، أو ما اتفقنا عليه نحن حول أننا ظفرنا بمنتخب محترم من اللاعبين شديدي الاخلاص لبلدهم وشديدي الحرص علي إسعاد شعبهم.. وإنما المكسب الأهم هي تلك الروح الوطنية الرائعة والجميلة التي ظهرت جلية واضحة خلال أيام البطولة.. احتشدت جموع المصريين مجددا لتتابع المباريات التي خاضها المنتخب، وخرجت بعد كل انتصار حققه تعبر عن فرحتها الغامرة، دون أن يشوه احتشادها أو خروجها في الشوارع والميادين بأعمال عنف، لاختفاء المتآمرين الذين كانوا من قبل يحاولون استثمار الخروج الجماهيري في الشوارع لأغراض سياسية أقلها الاستيلاء علي السلطة وأقصاها تقويض كيان دولتنا الوطنية، من خلال ضرب مؤسساتنا في مقتل.
هذا هو المكسب الكبير والضخم الذي حققناه خلال أيام البطولة الافريقية.. وهو مكسب يجب ان نعتز ونفخر به ونفرح أيضا به.. لا أقول ذلك من قبيل المواساة أو من باب العزاء لأنفسنا لاننا خسرنا المباراة النهائية ولم نحرز الكأس الافريقية الثامنة التي حلمنا بها فقط بعد الانتصارات المتتالية لمنتخبنا الوطني.. وإنما أنا أرصد حقيقة أتمني ألا تغيبها احزاننا علي فقدان الكأس الافريقية الثامنة، وهي بالطبع احزان مشروعة وطبيعية، بل لعلها تعد هي الجانب الآخر من ذلك المكسب الكبير الذي حققناه بفضل مجموعة من اللاعبين المقاتلين والمحترمين.. فمن يحب وطنه بهذه الدرجة من الطبيعي ان يحزن إذا لم يحقق ما يصبو إليه ويطمح فيه.. ولذلك بكي الحضري وانسابت دموعه علي وجهه بعد انتهاء المباراة النهائية في البطولة الافريقية، رغم انه فاز بلقب أفضل حارس مرمي في هذه البطولة، ورغم انه حظي بدعاية عالمية واسعة وباحترام واسع حتي من مدربي المنافسين.
ان هذه الروح الوطنية الرائعة والجميلة مكسب ضخم وكبير، لان هناك من حاول ومازال يحاول طوال الوقت، سواء داخل مصر أو خارجها، وأنفق الكثير من الأموال لتخريبها وتشويهها ووأدها في نفوس المصريين، لكي يتحول هذا الشعب إلي شيع وفرق متنافرة ومتصارعة، ويتحول هذا الوطن إلي دويلات قزمية صغيرة مهيضة الجناح يسهل الهيمنة عليها.
لقد بذل هؤلاء -ومازالوا- الكثير من الجهد من أجل بث اليأس والقنوط والإحباط في نفوس المصريين، حتي يصيروا عاجزين عن مقاومة تلك المؤامرات التي تحاك ضد بلدهم وتستهدف وطنهم.. وذلك من خلال التشكيك في قدرتهم علي تغيير حاضرهم وتجاوز مشكلاتهم والتخلص من أزماتهم، وتحقيق الانتصار في الحرب المتعددة الجوانب التي يخوضونها سواء ضد الإرهاب أو الفقر والظلم الاجتماعي أو الفساد.. ولكن ها هي الروح الوطنية المتوهجة الرائعة والجميلة التي ظهرت جليا خلال فترة البطولة الأفريقية تؤكد فشل كل هذه المؤامرات.. وهذا مكسب كبير ضخم عزيز، وفرحتنا به تفوق بكثير فرحتنا علي فقدان الكأس الأفريقية الثامنة في كرة القدم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف