لن تنجح خطة الحكومة للتقشف إلا إذا بدأت بنفسها وكانت قدوة للجميع. ولايعقل أن تطالب الحكومة الشعب بشد الاحزمة علي البطون وترشيد الاستهلاك وترفع اسعار الكهرباء والمياه والسكر والزيت والارز. ثم تطالب بزيادة مخصصات الوزارات لشراء سيارات جديدة ورفع مرتبات الوزراء وتعيين عشرات المستشارين.
إن كل تصرفات الحكومة الحالية تؤكد أن آفتها الرئيسية تكمن في غياب الكياسة. وانعدام الرؤية الشاملة. والخبرة السياسية. وعدم القدرة علي التنسيق فيما بين ما تقوله وما تفعله. او ما يقوله هذا الوزير والقرارات التي تصدر من وزير آخر. والامثلة علي ذلك لاتعد ولاتحصي:
فمنذ أيام إجتمع المهندس شريف اسماعيل بعدد كبير من وزراء المجموعة الاقتصادية لمناقشة الوضع المحتقن في الشارع وتذمر المواطنين من هذا الارتفاع الجنوني وغير المبرر في الاسعار. وخاصة اسعار السلع الاساسية. وكيفية وقف هذه الموجة العاتية من الغلاء التي اصابت كل بيت في مصر.. وعقب الاجتماع اصدر مجلس الوزراء بيانا صحفيا اكد فيه ان الحكومة ستتخذ كل الاجراءات اللازمة لمراقبة الاسواق. والسيطرة علي ارتفاع الاسعار. وزيادة حجم المعروض من السلع الاساسية بالاسعار المدعمة. واتخاذ كل مايلزم لحماية الفقراء ومحدودي الدخل.. وقبل مرور 24 ساعة علي هذا الاجتماع وهذا التصريح. كان وزير التموين قد اصدر قرارا بزيادة سعر السكر التمويني الذي يصرف للغلابة والفقراء ومحدودي الدخل الي 8 جنيهات للكيلو والزيت التمويني الي 12 جنيها!!
وفي ظل هذا الاحتقان وانخفاض القيمة الشرائية للجنيه ومعاناة الموظفين. وتلكؤ الحكومة في اصدار قانون العلاوة الاجتماعية لغير الخاضعين لقانون الخدمة المدنية. وغضها الطرف عن المطالب التي تنادي بزيادة حد الاعفاء الضريبي الي 24 الف جنيه سنويا. لاعفاء كل من يحصل علي 2000 جنيه كدخل شهري بدلا من 1325 جنيها حاليا.. في ظل هذا الاحتقان وهذه المعاناة تتحدث الحكومة عن مشروع قانون لزيادة مرتبات الوزراء والمحافظين. لان عددا كبيرا من اصحاب الخبرات رفض منصب الوزير في التعديل الجاري اجراؤه حاليا بسبب تدني دخل الوزير الي اقل من 35 الف جنيه شهريا شاملا الراتب والبدلات والمكافآت!!
حتي حين ادركت الحكومة ان هناك حالة تذمر في الشارع بسبب هذا التخبط في السياسات وارتفاع الاسعار ونقص الخدمات. وقررت اجراء تعديل وزاري. فان تضارب التصريحات حول موعد التعديل ودمج الوزارات وعدد الوزراء الذين سيشملهم التعديل يؤكد ماقلناه من غياب الرؤية وانعدام الحنكة والخبرة السياسية.
إننا ندرك ونقدر هذا الجهد الكبير والمخلص الذي يبذله المهندس شريف اسماعيل. ولكن للمرة الألف نقول أن هناك فرقا شاسعا بين الجهد والاخلاص في العمل. وبين الكفاءة والخبرة وحسن الادارة.. لأن بذل الجهد وحده ليس كافيا لتحقيق انجازات يشعر بها المواطن ويرضي بها عن الحكومة. إنما العبرة بمايتحقق بالفعل علي ارض الواقع.
پ