محمد جبريل
ع البحري - سوريا.. الشعب يدفع الثمن!
التقارير الواردة من سوريا. أعلنت تهيؤ كل الأطراف المتحاربة لدخول دمشق. بعد خطوات الانسحاب التي اتخذتها - ولاتزال - قوات الجيش النظامي.
بصرف النظر ما إذا كان انسحاب الجيش الحكومي صحيحا. أم أن الشائعات تروج لهزيمته. فإن صورة المستقبل تبدو ضبابية. إن لم تكن قاتمة.
التكوينات المسلحة متعددة. وجميعها تزعم نصرة الإسلام. حتي قوات النظام تعلن انحيازها للدين الإسلامي. باعتباره الديانة الأولي في سوريا. قد تختلف طبيعة القيادتين السياسية والعسكرية في انتمائهما إلي المذهب العلوي. وقد تكون الثورة ضد النظام نابعة من رفض سيطرة مذهب أو جماعة علي السلطة. وربما أفلحت المؤامرات التي تنسج في عواصم الغرب. وفي إسرائيل. في التسلل بتنظيمات مشبوهة تدعي الانتصار للإسلام. وإن عملت تصرفاتها علي الإساءة إليه. وتشويه صورته في العالم.
حتي الآن. فإن سقوط النظام يعني دخول القوي المتصارعة العاصمة السورية. وهو ما يفرض عشرات الأسئلة عن السيناريو الذي ربما تفرضه تطورات الأحداث.
كان سقوط القذافي بشيرا باسترداد الشعب الليبي حريته من قبضة نظام ديكتاتوري تواصل أربعين عاما. لكن الصورة تبدلت إلي النقيض. رفع الثوار سلاحهم ضد بعضهم البعض. واتجهت التصفية الجسدية - في معظم الأحيان - إلي المواطنين المسالمين. فضلا عن تقويض الاقتصاد الليبي.
وأفلح الشعب اليمني. بالمظاهرات الحاشدة. وآلاف الأرواح التي دفعها أبناؤه. في انتزاع حريته من قبضة الديكتاتور. لكن المؤامرات الأمريكية والإيرانية تدخلت بصورة معلنة. وتحولت مدن اليمن في الجنوب والشمال إلي ساحات قتال. تشهد سقوط الضحايا وتدمير البنايات والزراعات - عدا القات الذي يستورد لزوم المزاج! - وتحلل الاقتصاد. وبلوغ الخدمات الضرورية حد الانهيار.
من قبل. كانت إزاحة صدام حلما للشعب العراقي. ولأن الإزاحة فرضها البنتاجون والمخابرات المركزية الأمريكية. فقد تصاعدت الأحداث إلي النتائج التي يعانيها الشعب العراقي الآن.
أخشي أن الصورة المتوقعة لدخول الجماعات المتصارعة دمشق. ستضيف إلي اشتعال النيران. ولن تخمدها. وأن ما يحدث في المدن الليبية واليمنية والعراقية سيتكرر في مدن سوريا.
لا أناصر النظام. فقد ارتكب من الأخطاء والمظالم ما يستوجب مؤاخذته. لكن الثمن الغالي الذي دفعه الشعب السوري من دماء مواطنيه. ومن حضارته القديمة. ومستقبله يدعو إلي تحرك كل القوي العربية الوطنية لإقرار كلمة سواء. قبل أن نرثي الراحلين. ونبكي علي الأطلال!