تلقيت عددًا من التعقيبات على مقالي يوم أمس "معضلة السيسي مع الإسلاميين".. الإخوان كالعادة شتموني على "الفيس".. على هذا المقال وعلى ما كتبته قبلًا، وتركت "الشتائم" بلا حذف ولا حظر.. لتكون دليلًا على صحة ما ذهبت إليه في مقالي السابق "الإسلاميون الشتامون".. وفي غضون ذلك وصلتني رسائل عتاب عاقلة ولكنها قليلة جدًا.. وقلما تجد بينهم من يفتح عقله للحوار الرصين.. ولا تتلقى منه إلا الشتائم والبذاءات.. حتى أن بعضهم خاض في عرضي وعرض عائلتي. غير أن وسط هذا الظلام والمرض العضال الذي لا يرجى شفاؤه.. نجد أحيانًا تعقيبات تعكس وعيًا حقيقيًا غير أنها قد تنسى أو تختفي وسط زخات الشتائم والهوس بـ"عبادة التنظيم".. إحدى تجليات الشركية "الوثنية" السياسية الجديدة.. وفي هذا السياق وصلتني هذه الرسالة من الأستاذ أحمد زايد، تعقيبًا على مقالي يوم أمس.. تقول الرسالة: السلام عليكم أستاذ محمود تحياتي لك وكل العاملين في جريدتكم الغراء آملًا من الله، عز وجل، أن يديم جهدكم في بيان الحق وخدمة العباد والبلاد. أحييكم خاصة على ما ورد في مقالكم القيم هذا بخصوص مشكلة الإسلاميين مع الدولة المصرية أو قل بالأحرى مع الدولة القومية في الجمهوريات العربية التي تخلت عن الدين بدعوى مسايرة الحداثة، وأكبر خطأ ارتكبته هذه النماذج من الدولة القومية هو محاولة تدجين المؤسسات الدينية، وجعل دورها محصورًا في تبرير أفعالها، والانشغال بسفاسف الأمور عوضًا عن دعم استقلالية هذه المؤسسات العريقة، والتي تعتبر من أهم القوي الناعمة للدولة المصرية تم تبني سياسات تغريبية من خلال التقليد الأعمى لسوءات المجتمعات الغربية فقط، دون الاستفادة من تجارب هذه المجتمعات في التطوير الحقيقي للشأن السياسي، والاقتصادي وزاد الطين بلة، أن تدثرت الدولة في هذا الشأن بما يسمى النخبة من مدعي العلمانية والليبرالية واليسارية، رغم أنف مشاعر عموم الناس المحبة للدين في بلادنا، فتركت المجال وأوجدت المبرر لنشأة ونمو الجماعات الإسلامية، والتي نشأت دفاعًا عما تراه تفريطًا في حماية المعتقدات والقيم الدينية، ولما تصدت الدولة لهذه الجماعات بالإقصاء والتهميش والتنكيل، تفرعت منها الجماعات المتطرفة؛ فمزقت المجتمعات وأصابتها بالحيرة والبلبلة في كثير من شئونها الدينية والاجتماعية والاقتصادية، ولو أن الدولة تبنت حماية المعتقدات الدينية بشكل يوازن بين الموروث الديني واجتهادات المخلصين من الفقهاء المعاصرين-وهم كثر-لكان الحال غير الحال، وحتى لو أن الدولة تبنت الدفاع عن الدين كما هو الحال في كثير من الممالك العربية (بيدي لا بيد عمرو) لما كان هناك مبرر لنشأة تلك الجماعات، ولتجنبنا كثيرًا من النزاعات، ولحقنا الكثير من الدماء، ولانصرف جهدنا للبناء والتقدم. أحمد زايد انتهت الرسالة