قدرى ابو حسين
نظرة للمستقبل .. القروض .. وتعسف البنوك
البنوك ركن ركين في اقتصاديات الدول استقرت أفكارها ومبادئها وقواعدها وتجاوزت حدود الدول إلي عولمة أنشطتها وأصبحت لازمة من لوازم الاقتصاديات ومؤثرة في الحركة الاقتصادية في أي منها. أصبحت البنوك علماً يدرس وقواعد تطبق وتقيم ومصر كانت سباقة كالعادة في تعاملها مع البنوك والتي بدأت بفروع البنوك الأجنبية ثم جري إنشاء أول بنك مصري صميم "بنك مصر" وتلاه العديد من البنوك المصرية ثم في أواخر السبعينيات والعقود التالية كان توجه الدولة نحو الاقتصاد الحر مما أتاح فرصة إنشاء بنوك مشتركة ومحلية وأجنبية والمتعامل مع البنوك المصرية يتجسد في وجدانه المثل المصري "اسمع حديثك يعجبني أشوف أمورك أستعجب". عند تعاملات الإقراض خصوصاً القروض الصغيرة والمتوسطة يبدأ الحديث طيباً والشروط والضوابط ممكنة لكن تتالي بعد ذلك أمور لا تتفق مع الأهداف المعلنة والتطلعات الاقتصادية التي تسعي لها الأمة ولعلي أذكر القليل منها وبالتأكيد عاني الكثيرون ولديهم تجارب حوت العديد من الغرائب والطرائف ليس من المنطق أن يطلب البنك من الشركة طالبة القرض ثلاث ميزانيات متتالية محققة أرباحاً وهذه الشركات في معظم الحالات لا تكون بحاجة إلي قرض وأمورها مستقرة.. الغريب في الأمر أنها لا يمكن أن تحصل علي ما تبغي مهما قدمت من ضمانات أيضاً الاشتراط بشهادة بالموقف الضريبي والتأميني والأغلب الأعم من الشركات والأفراد الذين حققوا أرباحاً يبقي هناك نزاعات واختلاف في وجهات النظر نظمها القانون تأخذ وقتها أما الأغرب فيما يطلب فهو شهادة إفلاس لمدة 15 سنة وبرتستو لمدة 5 سنوات من المحاكم.. لماذا تحديد ال 15 سنة للإفلاس؟... ولماذا ال 5 سنوات البرتستو؟... ومن محاكم متعددة.
الأغرب أن هذا يطلب من أعضاء مجلس الإدارة قد يكون مقبولاً للمساهمين منهم لكن مجالس الإدارة تشتمل علي أعضاء مساهمين وأعضاء ممثلين لجهات مساهمة.
ما أهمية وما ضرورة أن يطلب منهم ذلك ومن التجربة في هذا المجال أن معظم البنوك لا تطرح شروطها وضوابطها دفعة واحدة لكنها وكما يؤكد واقع التعامل أنها تطلب كل منها مرة تلو الأخري والمدهش أن الملف عندما تكتمل له كل مكوناته ليس لفرع البنك أي صلاحية ولا يفعل شيئاً إلا أن يرفعه إلي المركز الرئيسي للتصرف.. كل ما ذكرنا.. تبقي الضمانات وفيها الكثير من المغالاة وأذكر أنني من خلال عملي حاولت مع أحد البنوك تيسير قروض للحرفيين وكانت الطلبات في وقت كان الشعار مرفوعاً لدعمهم وكانت المقولة التي ترددت علي ألسنة هؤلاء "إذا كانت الضمانات المطلوبة بمثل هذه المقادير فلو كانت متاحة لنا لا داعي للاقتراض".
المطلع علي ميزانيات البنوك المصرية يجدها تزخر بأرصدة إيداع تقدر بالتريليونات أما استثمارها فهو الضئيل والمتواضع وهذا لا يتفق مع سياسة الدولة وتطلعها إلي تحقيق تنمية وتصحيح هيكلية الاقتصاد المصري ودعم المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر.