المساء
نبيل فكرى
مساء الأمل .. "تي إي تاتا"
"تي. اي" طبعاً هي اول اسم "محبوبة" كل المصريين "تي اي داتا" التي تحتكر خدمات الانترنت. اما "تاتا" فهي طبيعة الخدمة البطيئة والمملة لان ما وصل اليه حال هذه الشركة بات فوق احتمال البشر. فهي حاضرة دوماً سريعة دوماً متيقظة "علي الشعرة".اذاما تعلق الامر بالاشتراك "الفلوس يعني".. نائمة. مستهبلة.. مشغولة. اذا ما تعلق الامر بخدمتها السيئة غالباً. البطيئة دائماً.. الماسخة علي الدوام.
كل ما فيها مستفز والاكثر استفزازاً ان تحاول عن حسن ظن الاتصال بمركز الدعم الفني للابلاغ عن عطل لديك.. احذر في هذه الحالة ان تكون قريباً من بلكونة. لانك قد ترمي نفسك منها. وابتعد عن النيران. لانك ممكن "تولع في نفسك" وابعدالولاد وام الولاد. لعدم ارتكاب جريمة فالاتصال الواحد يحتاج فقط للوصول إلي حجز وقت انتظار اكثر من ربع ساعة. والانتظار نفسه يحتاج دون مبالغة ايضاً ربع ساعة وكل دقيقة يخرج عليك صوت مستفز بعد موسيقي مستفزة ليخبرك ان امامك فترة انتظار اقل من عشر دقائق ثم يتركك لموسيقي تفقد كل معانيها امام حالة الغليان التي تملؤك من شعرك حتي اخمص قدميك.
قمت بتركيب خط تليفون للبيت في مدينتي دمنهور. فقط لحاجتي إلي الانترنت لارسال مقال اسبوعي للجريدة.. فقط لهذا الغرض. حتي لو استخدمته في تصفح فيس بوك او البحث عن معلومة ومررت بمآس كثيرة لتركيب خط تليفون. كتبت عنها هنا ومنذ ان ابتليت بـ "تي. اي. داتا" لم تعد الصحة علي ما يرام. فالانفعال زاد عن الحد. والعصبية هي السائدة خاصة يوم كتابة المقال واستجداء الانترنت كي يأتي لدقيقة ويذهب ومحاولة الاتصال بمركز تعذيب العملاء.
طبعاً كل الاتصالات في مصر "زفت" هذه الايام. ومن النادر اجراء مكالمة دفعة واحدة. واحياناً تشعر انك تتصل باخيك او صديقك من ارض المعركة وحتي تبلغ رسالتك قد تحتاج خمس او ست مكالمات في بعض الاحيان. لذلك الجأ إلي فكرة المكالمة التلغرافية فابلغ محدثي علي عجل بكلمات مقتضبة وواضحة بما اريد. واتأكد من انه وعي رسالتي فيقول لي "علم" او "حول" بعدها لايشغلنا ان انقطع الخط ام لا. والمستفز انه لاينقطع الا ان كان الامر مهماً.
امس الاول حاولت باصرار التواصل مع "مركز تعذيب العملاء" بـ "تي. اي. داتا". ووضعت التليفون بجواري في انتظار "آخرهم". وبالفعل تمكنت من التحدث إلي موظفة لديهم. بعد ربع ساعة من الانتظار. بعد ربع ساعة من المحاولة.. في تلك اللحظة بالذات عادت الخدمة إلي "الراوتر" وكأن به عفريت. ثم اختفت حين قلت للموظفة انها عادت ثم اختفت قبل ان تخبرني الموظفة التي لا حول لها ولا قوة. والتي لاشك انها تلاقي الامرين من العملاء علي مدار اليوم ان العطل عام يا افندم.. ومركز الاعطال شغال عليه وسيعود خلال ساعتين". فسألتها: وماذا اذا لم يعد خلال ساعتين لتجيب: "شرفنا بالاتصال تاني يا افندم".. ثم انهت بعبارتهم البائسة المستفزة: "اي خدمة تاني يا افندم؟". فاخبرتها انه لم تكن هناك خدمة اولي لتكون هناك ثانية اما الانتظار قبل ان تعود إليك حياتك بصوتهم الرخيم. فهو قمة المأساة عليك ان تستمع إلي موسيقاهم المشوشة. واعلاناتهم البائسة. وكلامهم المعسول. واختراعاتهم التي لاتراها حولك. وانظمتهم التي لا وجود لها إلا لديهم.. باختصار هم حاضرون عند "الفاتورة" ويغيبون عن الاسلاك في "الماسورة".
ما قبل الصباح
"العالم قرية صغيرة".. يبدو اننا فهمناها غلط.. المعني ليس ان تتواصل بأدوات القرية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف