محمد جبريل
ع البحري .. أمريكا تدافع عن القيم الرفيعة
برر الرئيس الامريكي رونالد ترامب قراره بحظر دخول بلاده علي رعايا سبع دول إسلامية. بأن دخول بلاده سيقتصر علي المؤمنين بقيمها الرفيعة.
طبيعي أن تكون للدولة العظمي في العالم قيمها العليا التي تنطلق منها تحركاتها السياسية. في داخل البلاد. أو في صلاتها بدول العالم. لكن السياسة الامريكية. منذ تحولت دولة المغامرين- عقب قضائها علي أبناء البلاد الاصليين- يصعب أن ينطبق عليها المثل الأعلي بالمعني الذي تعبر عنه الكلمة.
التاريخ الامريكي- عبر عشرات السنين-حافل بالحروب والمؤامرات وعمليات الاغتيال. حتي للرؤساء الامريكيين الذين أبدوا تفهماً لحقائق الاوضاع. لا أحد- حتي الآن- يعرف من هو القاتل الحقيقي للرئيس كنيدي. ولا الجهة المحرضة. تكررت جريمة اغتيال الرئيس الامريكي الاسبق فرانكلين. ومضت- مثلها- في الغموض. فلم تكشف التحقيقات عن القاتل. ولا عن الدوافع التي أملت عليه جريمته.
اللافت أن زيارة مقر الاستخبارات الامريكية هي أول ما يقوم به الرئيس الجديد في أعقاب توليه المنصب. تأكيداً للدور الذي تؤديه المخابرات في السياسة الامريكية وهو دور لايقتصر علي داخل البلاد. لكنه يتجه- بصورة أشد- إلي خارج الولايات المتحدة من خلال تدبير الانقلابات والثورات المضادة وإسقاط الحكومات واغتيال الزعامات المعارضة. وحتي وفاة إدجار هوفر رئيس المباحث الفيدرالية الامريكية. كان الوعد الذي يقطعه كل مرشح علي نفسه. أن إزالة إدجار هوفر هي أول ما سيحرص عليه. لكن زيارة هوفر للرئيس المنتخب- يوم جلوسه للمرة الاولي إلي مكتبه- وبيده الملف الشخصي للرئيس. كانت تنتهي باصدار قرار استمرار الرجل في وظيفته المهمة.
ومن بين الجرائم الامريكية. دفاعاً عن القيم النبيلة. قتل حوالي خمسة ملايين فيتنامي بواسطة الرش الكيماوي . وغزو لبنان في أوآئل الخمسينيات. وعملية خليج الخنازير التي استهدفت إفشال الثورة الكوبية. والعملية الفاشلة لاسقاط قوات داخل الاراضي الايرانية في أعقاب حكم الخميني. وفي الفيتو الذي ناصرت به الدعاوي الاسرائيلية الباطلة. ولعلنا نذكر المصير التعس الذي لقيته المدمرة ليبرتي. بعد أن ذودت إسرائيل في حرب 1967 بكل ما تحتاجه من معلومات لوجستية. وفور أن أدت مهمتها. أقدمت اسرائيل- بطبع غلاب! - علي إغراقها في المتوسط. وفي 1974 أعلنت المخابرات المركزية اللامريكية عن الدور الذي لعبته للتخلص من سلفادور الليندي رئيس شيلي الراحل وبررت واشنطن غزوها الجزيرة الصغيرة جرينادا. وارتكاب مجزرة بشعة ضد مواطنيها بأن الطلاب الامريكيين تعرضوا للخطر. وفي 1993 كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن استخدام الطيران الامريكي قذائف يورانيوم ضد الشعب العراقي. وبلغت أعداد الشهداء العراقيين بتأثير الهجمات الامريكية منذ 2003 أكثر من مليوني مواطن عراقي. وأدانت منظمة هيرمان رايتس ووتش جرائم الحرب التي أقدمت عليها القوات الامريكية في حق المدنيين في العراق وباكستان وأفغانستان واليمن والصومال. من خلال القصف الجوي والاغتصاب. وقتل أسري الحرب. وتعذيبهم. والابادة الجماعية. واستخدام الاسلحة المحرمة دولياً.
القائمة طويلة. نبضها إدانات للمؤسسات الرسمية الامريكية. بما يفرض علي الرئيس الامريكي مراجعة تلك المؤسسات في معني القيم الرفيعة. وهو- بالتأكيد- معني مغاير لما أشار إليه الرئيس في قرار حظر الدخول إلي بلاده.