الأهرام
أحمد سعيد طنطاوى
مقهي مدينة نصر.. والتعليم
طبقا للتقديرات الرسمية في 2014 كان عدد المدارس في مصر لا يتجاوز 50 ألفا حيث كان تحديدا (49435)، بينما طبقاً للتقديرات غير الرسمية وصل عدد المقاهي والكافيهات علي مستوي محافظات مصر في المتوسط إلى 1.5 مليون مقهي تقريباً تحت الزيادة والنقصان.
وبحسبة بسيطة فإن نسبة المقاهي إلى نسبة المدارس نحو 30 ضعفا.. بينما كانت هناك دراسة قديمة تشير إلى أن عدد المقاهي في مصر 4 أضعاف عدد المدارس.. ما الذي حدث؟!!.. لا أعرف.

وقد حركت جريمة قتل شاب عشريني في مقهى في مدينة نصر بعد مباراة نهائي كأس أفريقيا لكرة القدم بين مصر والكاميرون مشاعر الكثيرين، وأثارت غضبهم.. ولأن الحكومة دائما ما تتحرك ناحية الأضواء، وتتحرك بعد وقوع الكارثة وليس قبلها، ولأنها تريد أن تهدأ من غضب الصدور فقد بدأت في إغلاق المقاهى غير المرخصة في مدينة نصر وما يجاورها.. بينما الجريمة تنبه الحكومة أيضا إلى تفشي ظاهرة المقاهى غير المرخصة في ربوع مصر بأكملها.. وفي انتشار الجرائم فيها إلا أن الحكومة تتحرك بإتجاه الضوء، رغم أنها ليست فراشة!!

ففي مدينة طوخ وفي نفس اليوم وفي مقهى مشابه تعدى طالب (ضع ألف خط تحت كلمة طالب) بكلية التربية الرياضية على آخر بسلاح أبيض «مطواة»، بسبب الخلاف على مكان الجلوس على كرسي في المقهي.. وقبلها بيومين في مدينة شبرا الخيمة قتل عاطل «قهوجي» لأن الأخير طالبه بعدم العبث بـ«مطواته» داخل المقهى.

جرائم المقاهى لا تنتهى لكن الحكومة تحب أن تطبق القانون في النور وتحت أضواء كاميرات التليفزيون والبرامج الفضائية، رغم أن ظاهرة تفشي المقاهى كارثة بكل المقاييس، وتفشيها أمام المدارس والكليات أشد كارثية.

وزارة التربية والتعليم طالبت الشرطة أكثر من مرة بالإغلاق النهاري للمقاهى التى تتراقص أمام الطلبة في مدارسهم، لتغريهم على ترك المدرسة والتقدم بخطى ثابتة نحو التدخين بكل أشكال الفاكهة، لكن الحكومة قليلا ما تفعل.

في عام 2007 بلغ عدد المقاهي في «قاهرة المعز» وحدها طبقاً للإحصائيات نحو 10 آلاف مقهي وهو الرقم الذي تضاعف 10 مرات خلال 10 أعوام.. كأننا في سباق على النزول من جبل... بينما لم تتضاعف مدارس القاهرة بنفس النسبة، فكان السباق معكوسا كأننا نصعد الجبل فتقل حركتنا وسرعتنا وتخر قوانا.. ورغم صعوبة السباق نحو قمة الجبل إلا أن الظروف الحالية لمصر وضعت أحجارا على أكتافنا أثناء الصعود، وكانت تلك الأحجار تتمثل في "قلة قيمة الجنية وزيادة النسل، وقلة الدخل القومى".. فقفزت كثافة الفصول من 40 طالبا إلى ما بين 80 و 120 طالبا.

المقارنة بين انتشار المقاهى وقلة المدارس والنتائج السلبية المترتبة على ذلك لا يحتاج إلى ألف خبير وخمسمائة عالم و100 مقال.. بل يحتاج نظرة عطف من الحكومة على صحة المواطنين بعدم نشر الدخان خاصة أمام المدارس والكليات وهو الأمر الذي قد يسبب غيامة وضبابية لرؤية أطفالنا نحو المستقبل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف