الجمهورية
منى نشأت
بعينك .. حكاية.. "كيف"

أن يُقتل شاب داخل مقهي ليس هو المشكلة.. ولابد من استكمال الجملة: في بلد مثل بلدنا.
أن تقوم الدنيا في الحي ذاته فقط. وتغلق المقاهي ونشهد البلدوزرات تحطم أرصفتها وجدرانها.. أمر ينتمي للطرافة أكثر من اتخاذ اجراء.
وحتي نكمل المعني: فهي الكوميديا السوداء. لمحافظ ورئيس حي وكل مسئول أراد أن يحمي نفسه من مجرمين أكبر ¢يدعون انهم الإعلاميين¢.. اسمهم يكتب علي الشاشة ويضعون في حُجرهم ميكرفونا وكاميرا. لا تزعجهم الأحداث.. بل تهبهم مادة اليوم. سيصرخون ويغمزون ويتشقلبون والوصف: بواخة.. والبقية أنها ممولة. فمن يملك المال يدفع. ومن لديه تسجيل يسربه. وتعالوا نكسر الدنيا النهاردة ونلمها بكرة. ونشتم ونلعن والناس تهدأ.
ولنعد للبداية.. كلنا حزن علي الطبيب الشاب. وكم شابا متفوقا تم قتله علي يد فاشل أخذ مكانه لأن عنده واسطة..
وقتلي المشاعر والآمال.. فمن يستطيع احصاء شباب فقدوا الأمل في تكوين أسرة لأن الشقق الاقتصادية ينهبها أصحاب الاقتصاد العالي ويتاجرون بها ولو وصل شاب لشقة فمن أين بالباقي والأسعار نار.
واحد.. محمود
نترحم علي الشاب محمود وأولادنا قتلي ظلم. نتحسر كأهل علي بقائهم وسطنا دون أن نستطيع مد اليد ويا عيني علينا. كلنا عندنا واحد.. محمود.
لفترة ربما أيام أو شهور سيظل في ذهن كل قهوجي.. بلطجي.. عامل في كافيه.. حكاية محمود وسينادي في سره "واحد محمود وصلحه".
ليس تندراً ولا ندما وإنما تذكير لنفسه بالكارثة والمصيبة الكبري ليتمكن من أن يمسك أعصابه.
لكن هل الكارثة في المقهي فقط.. انها حالة بلطجة عامة.. تحت بيتنا علي ضفاف النيل. بائع فول بدأ بلوح خشب علي الأسفلت وقدرة فول. وبعد أيام أمامي امرأة تطلب منه ¢طبق¢.. وهو يأمرها بالجلوس لطلب ساندويتشات بعد أن افترش الكراسي والموائد علي باب أبراج أغاخان وبجانبه يقف عساكر وشرطة وللحي رئيس وللرئيس محافظ. و"البياع" يمسح أنفه بيده ويكمل تنظيفها في نصف رغيف عيش يتناوله من علي الأرض وحوله الحشرات والقوارض ليملأه.. فول وأشياء أخري. وكل صباح أبدأ بالدعاء علي رئيس الحي والمحافظ والوزير والبرلمان وكل الواقفين حوله أو عن بعد لأنهم كلهم يأكلون.
ومن أول السطر
ونأتي للكلام المهم.. قالوا ان الكافيه يستأجرونه بربع مليون جنيه في الشهر. إذاً فهو يحقق بعد دفع الكهرباء والماء وأجور كل العمال والبلطجية نصف مليون علي أقل تقدير.
وهذا يؤكد أن شبابنا ونساءنا يرتادون الكافيهات ويدفعون لنأتي للنقطة الأهم.
لو كان كل هؤلاء علي المقاهي.. أين الآباء الذين يعودون من عملهم ليجلسوا وسط أولادهم. يسمعوا منهم ويستمعوا إليهم.
الأب الذي يخلق بوجوده حالة جذب لأولاده وخجل ابن من المغادرة وترك الوالد.. الحاضر.
وإن عاد الشاب من مدرسته أو جامعته محملاً بمسئولية مذاكرة أو بحث وتقص مصحوب باهتمام من الاستاذ في معرفة النتيجة من أين سيأتي بوقت الكافيه.
وإن قمنا بواجباتنا الاجتماعية التي هي جزء من ديننا. زرنا المريض قدمنا العزاء داخل سرادقه وليس بكلمة علي مواقع التواصل.
لو اقتربنا من الجار.. وبحثنا عن المحتاج لنقدم له العون لو قرأنا.. كتابا. لما امتلأت المقاهي.
إن عملنا ما علينا تجاه بيوتنا. فساعد الرجل زوجته في أعمال البيت ورعاية الصغار.. قضي عنها طلباً.. منحها كلمات حلوة وأفعالاً أحلي. لما احتاجت هي أن تلقي بأبنائها بعد عناء اليوم لشغالة وتجري مثل الشريك تبحث عن صديقاتها علي مقهي.
لو جلسنا أسرة تقرأ بعضاً من آيات وتفسرها.. وعملنا بها.. لما كان.. كافيه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف