المستشار محمد محمد خليل
خواطر مصري .. محمد جلال كشك
الأستاذ محمد جلال كشك كاتب مصري قد عشق وطنه. فدافع عنه وأحب دينه فصد عنه أعداءه. ظل يبحث عن الطريق الصحيح. ظنه في اليسار فاخرج كتابه "مصريون لا طوائف". وانحاز إلي الشيوعية في فترة سماها المراهقة الفكرية. ولأنه رجل قارئ مستنير يبحث عن الكلمة الصادقة. والمعلومة الصحيحة. ظل يقرأ ويقرأ حتي وصل إلي ايمانه بأن الفكر الماركسي. يتعارض مع المصداقية السياسية والاجتماعية. وأن العقيدة الشيوعية. تنادي بما لا يتواءم مع طبيعة البشر ويسلك زعماؤها سلوكاً يخالف ما يؤمنون به. فضلاً عن سلب حرية الإنسان وطبيعته في اقتناء ما يريد أو يملك ما يحصل عليه من تعبه. وسعيه في الحياة. وحاجته إلي الروحانيات التي تطهره وتربطه بأسرار الكون كما حاجته إلي الماديات منظمة ورفاهية محببة وسلوك إنساني قويم. فقد كانت الشيوعية في نظر الأسوياء فكراً يتنافي مع طبيعة البشر يغدر التي خلقه الله عليها. ومن كان الأستاذ العقاد من أول المفكرين الذين تصدوا لنقد الشيوعية متنبئاً لها بالاخفاق والزوال في كتابه الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام. وكتاب لا شيوعية ولا استعمار. كما هاجم المذاهب الهدامة وسماها أفيون الشعوب رداً علي قول ماركس أن الدين أفيون الشعوب.
كان واضحاً أن كشك تعمق في الثقافة الإسلامية. متناولاً الحديث عنها أكثر من عمل بجريدة أخبار اليوم ومجلة الحوادث اللبنانية. فاضحاً المتآمرين علي بلاد المسلمين بالمعلومة الصحيحة والفكرة السليمة.
عقب هزيمة سنة 1967 كان الاحتفال بالمولد النبوي الشريف. كتب مقالاً يتناول غزوة أحد.. شرح فيه كيف كان المسلمون في غزوة أحد التي قيل إن المسلمين انهزموا. قائلاً إن الهزيمة لم تلحق بالمسلمين في تلك الغزوة موضحاً أن المسلمين لم يفروا من الميدان رغم أن شهداءهم أكثر من قتلي قريش. ذلك أن الحرب وضعت أوزارها عند الغروب. وفي طلوع الفجر كان المسلمون علي أهبة الاستعداد لمواصلة القتال. فلم يجدوا عدوهم الذي فر من الميدان هارباً إلي مكة مستغلون ظلام الليل خشية لقاء المسلمين في الصباح. ولأول مرة في التاريخ. ولعلها الأخيرة فرار جيش منتصر من أمام جيش منهزم. ثم كتب مقالاً بعنوان "حكايات عن عمر بن الخطاب" أشار فيه إلي عدالته. وحكمته. وطاعته لله وللرسول. وللشعب الذي اختاره منبهاً الحاكم وقتئذ إلي ديكتاتوريته. وظلمه. وترك أمور البلاد لأعوان مستهترين.. وفي سنة 1968 أصدر كتابه ماذا يريد الطلبة المصريون بعد المظاهرات التي اندلعت في جامعة القاهرة عقب صدور الأحكام المسماه بأحكام ضباط الطيران. واستمرت كتاباته الجريئة والقوية حتي اضطر إلي الخروج للبنان ثم إلي أمريكا ليلقي ربه وهو علي الهواء في مناقشة مع الدكتور نصر أبو زيد بإذاعة لندن حين ذكر الأخير أن الإمام الشافعي في العصر الأموي علي خلاف الحقيقة إذ إنه ولد عام 150 هجرية وتوفي سنة 204 هجرية في العصر العباسي فكان انفعاله سبباً في صعود روحه الطاهرة إلي بارئها.
رحم الله الكاتب الكبير محمد جلال كشك.