المصرى اليوم
أسامة غريب
فى الخرابة
هل كان يجب أن يسقط أحد الشباب قتيلاً داخل كوفى شوب حتى ندرك أننا نقترب بخطى حثيثة من الهاوية؟ إن الكافيهات التى انتشرت بوحشية داخل الأحياء السكنية تعبر تعبيراً بليغاً عن انحطاط المرحلة، وأنا لم أكره فى حياتى قدر هذه المقاهى المتدثرة بغطاء نواعمى مخنث والتى استولت على الأرصفة واستعمرت مناور العمارات واجتاحت الممرات بين مبنى وآخر فى الأحياء القميئة الموصوفة بأنها راقية! ليس أحط من مشروع قائم بالأساس على انتهاك حرمة المسكن بالنسبة للذين أنفقوا العمر من أجل شقة ظنوها جالبة للهدوء والأمان فإذا هى محاطة بأوكار البلطجية الذين يستغلون مكاناً مخالفاً للحصول على أموال طائلة يدفعون منها الرشاوى للذئاب المسعورة التى تحرسهم وتحمى مشروعهم الدنِس. لا يوجد تقريباً كوفى شوب شرعى فى هذا البلد، وأقصد بشرعى أنه قائم على أرض مملوكة لصاحبها وليس مجرد منور عمارة أو رصيف شارع أو سطوح بيت. كلها تقريباً مخالفة للقانون، ومع ذلك تسهر حتى الصباح ناشرة الدخان والفحم والملوثات وتضع بالداخل والخارج عدة شاشات للعرض تذيع بصوت يوقظ الموتى مباريات وأفلاماً، غير مبالية بحق الناس فى الهدوء والراحة، وقبل ذلك حقهم فى الرصيف والشارع. ولعله غير خاف أن معظم من يملكون هذه الأوكار من الذين تقاعدوا بعد عمل فى الأجهزة الأمنية أو من الذين يشترون الحماية من هؤلاء نظير جُعل معلوم أو نسبة من الربح، وهذا هو السبب فى أنها قائمة تتحدى الناس وتخرج لهم لسانها مهما قدموا من شكاوى ومهما صرخوا طلباً للراحة والأمان. وقد يكون التمسك بوجود هذه المقاهى المخالفة خير دليل على المكاسب الفاحشة التى يحققها أصحابها، فهى فى الحقيقة مثل أى مقهى بلدى يبيع للناس مياهاً ساخنة، لكن الفرق أنها لا تبيع الكوب بجنيه أو اثنين مثل المقهى العادى وإنما تبيع المياه الملونة بأربعين وخمسين ضعف القهوة البلدى، وهذا يعنى أموالاً طائلة تستحق أن يقتلوا أبناء الناس من أجل تحصيلها!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف