كانت الندوة التثقيفية للقوات المسلحة التي حضرها الرئيس عبد الفتاح السيسي وعدد من رموز المجتمع ورجال الدولة وقياداتها تحمل الكثير من الدلالات التي يراها كل من يفكر في مستقبل الوطن بغض النظر عن أفكاره ومعتقداته. فالأوطان لا تبني علي العنصرية أو الاختلافات المذهبية. فالمسلم والمسيحي حاربا سويا واستشهدا سويا في كل الحروب التي خاضتها مصر منذ حرب 48 ونهاية بحرب أكتوبر المجيدة.
القضية إذن ليست في اختلاف الدين لأن الدين لله والوطن للجميع كما تربينا وتعلمنا من الأقدمين. وهي عقيدة وتراث الشعب المصري علي مختلف ميوله وتوجهاته باستثناء الجماعات المتشددة جميعا والمنبثقة من عباءة الإخوان الإرهابية والدليل ما رأيناه من سلوكيات فاشية وعنصرية سواء أثناء توليهم مقاليد الحكم أو بعد ثورة 30 يونيه وكيف حرقوا الكنائس في محاولة لإشعال الفتنة الطائفية التي تعد الخطر الأكبر الذي لعبت عليه كل الدول الاستعمارية لتفتيت مصر قديما وحديثا.
بل شاهدنا بأعيننا كيف تعامل المتشددون مع الشيعة المصريين فقتلوا من قتلوا وحرقوا من حرقوا وكأن من قتلوهم ليسوا بمصريين أو مسلمين.. فتلك الجماعات لم ولن تعرف يوما معني الاختلاف الذي خلق الله الدنيا عليه عندما قال "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم" ولم يقل الله المسلم التقي أو المسيحي التقي واليهودي التقي.
لذلك كله فإن الاختلاف هو السنة التي خلق الله الدنيا عليها وطبيعي أن ينأي الجيش المصري عن كل المحاولات لإدخال عناصر غير مؤمنة بالله أولا وبالوطن ثانيا كقيمة وعقيدة اساسية لمن يدافع عن تراب هذا الوطن وشعبه ولهذا وقف الجيش المصري أمام اي محاولات لتسلل عناصر ذات ايديولوجيات دينية غير وسطية اليه لأنهم شياطين جاءوا إلي الأرض لإفسادها فهل كان الشعب سيتحمل أخونة الجيش المصري؟ لا اعتقد ذلك لآن الطائفية علي مستوي المنطقة بالكامل وفي جيوشها ساهمت إلي حد كبير في تدمير تلك البلدان وتحويلها إلي حروب أهلية لا يعرف الله متي ستنتهي أو إلي أي مدي ستصل.
إذن نحن أمام حالة وطن سيطرت علي مؤسساته الدينية بعض قوي الرجعية المتشددة التي ساهمت في تدمير أفكار شبابها والنتيجة فاتورة ضخمة دفعها هذا الوطن من دماء واقتصاد وطني كان قبل يناير في سبيله ليصبح اقتصادا عملاقا. صحيح كانت هناك أخطاء كارثية في عدالة التوزيع للدخل لكن الا نترك الفرصة للنظام الجديد لإعادة الأمور إلي نصابها الطبيعي وتعود مصر إلي عافيتها؟ هذا هو السؤال الذي يحتاج إجابة.