الناس جميعاً في كل العصور يُجمعون علي أن الفشل ليس له معني آخر سوي الفشل، لكن ونظراً لغياب المفاهيم المنطقية وضبابية الرؤية عند غالبية مقدمي برامج الفضائيات، وأيضاً بما لديهم من أهداف ورسائل محددة يريدون توصيلها إلي المشاهدين طبقاً لما يراه أصحاب تلك الفضائيات، فإن الركاكة والخواء والهري والطحن الكثير بلا دقيق هو عنوانهم، مما يجعل الفشل تلو الفشل دائماً هو قرينهم وخاصة بعد ثورة يناير 2011، بدليل إنصراف أغلب المشاهدين عن برامجهم لقنوات اخري قد يعمل بعضها ضد أمن الوطن. ولأننا نعيش في بلد-قد وصفه أحد المفكرين منذ عقود بأنه بلد "لا تضبطه القواعد ولا تلجمه القوانين"، لذا فإنه وبالرغم من فشلهم لا يتورعون عن إخراج ألسنتهم لنا ومن ثم يفرضون أنفسهم يومياً علي المشاهدين ولسان حالهم يقول سوف نقول ونقول وسوف تصدقوننا حتي لو "أخرجنا لكم الأرانب من القبعات الخالية"، وأتركوا من ينتقدوننا أو "سيبوهم يتسلوا"، أولئك المذيعون يقيسون نجاحهم المزيف بكم الإعلانات، لكنهم لا يعلمون بغياب الدور الحقيقي لرسالاتهم في التنوير والتثقيف وكذلك إيضاح المشكلات المجتمعية ومن ثم إستضافة من لديهم مقدرة حقيقية علي التفكير في كيفية وطرق حلها، والمفارقة أن أغلب الفضائيات تستغفل المشاهدين مختزلة أهل الخبرة في كافة المجالات فيما يطلقون عليهم بالخبراء الإستراتيجيين، والذين أتحفونا بأفكار وإفتكاسات عكست صورة سلبية علي مفهوم الخبرة عندنا، بالإضافة إلي السراب الذي وجد المشاهدون أنفسهم -لاصقين في الحيط- جراء أفكارهم ووعودهم الزائفة. الملفت للنظر أنه دائماً ما نستخدم في مجتمعاتنا معايير مجحفة وظالمة بحيث يُعاقب فيها المحسن، ويكافئ فيها المسيء، وحسب أهوائنا نسمي الفشل نجاح، والنجاح فشل، وللأسف من يفشل في مهمة ما مثل أولئك المذيعين، لايريدون الإعتراف بفشلهم ويكابرون ومن ثم لا يتركون شاشاتهم لآخرين غيرهم يتولون تلك المهام أي ضخ دماء جديدة شابة لديها حماس وتعليم جيد ومباديء قويمة، والذين قد يعود مجدنا الإعلامي من خلالهم، ولو فعلوا ذلك لكانت حقاً خطوة حقيقة يمكن أن تتبعها بعض الهيئات في المؤسسات الإخري التي يلاحقها الفشل.