اذرفوا الدموع.. احنوا الرءوس.. اخلعوا الاحذية.. اعلنوا الحداد علي وطن تاهت فيه الاخلاق.. واصبحت القيم سذاجة.. والمبادئ شعارات.. كلنا محمود بيومي.. هومات مرة واحدة.. وكلنا نموت في اليوم الاف المرات.. شيعوه وشيعونا.. واكتبوا علي شاهد القبر.. هنا يرقد من كان وطنا.
انما الامم الاخلاق ما بقيت.. وان ذهبت اخلاقهم ذهبوا.. علمونا هذه الجملة صغاراً.. وظننا انها الحقيقة وانها الخلاص وتمسكنا بحبائل الامل.. ومرت الايام وتسرب اليأس إلي قلوبنا وتحطمت نفوسنا فاكتبوا علي شاهد القبر.. هنا يرقد من كان وطنا.
صاحب الكافيه ليس مذنبا وحده.. كلنا مذنبون.. كلنا مجرمون.. كلنا شركاء في الكارثة.. سكتنا علي البلطجة تسامحنا مع الاستهتار خفنا ان نقف في وجه الظالم.. رفضنا أن ننتصر للمظلوم.. فتحولنا كلنا إلي ضحية.. كلنا محمود بيومي صحيح ان الشرطة حطمت الكافيهات والمقاهي المخالفة وازالت التعديات.. ولكن غداً أو بعد غد ستعود ريما إلي عادتها القديمة.. بل وقد يكون ضباط الشرطة أنفسهم من رواد الكافيه ومسئولو المحليات من الزبائن الدائمين.. سنشاهدهم وندير رءوسنا في الاتجاه الآخر.. نحن لانسمع ولا نري ولا نتكلم.
كل خطايانا تتكرر بنفس التفاصيل.. ونهب ونصرخ ونلعن ونقسم انها المرة الاخيرة ولا تسامح بعد الآن.. ولكننا نملك ذاكرة دجاجة وعقل معلقة خشبية.. فاكتبوا علي شاهد القبر.. هنا يرقد من كان وطنا.
الصغار فقدوا ابتسامة البراءة.. الشباب ضاعوا وتاه منهم الانتماء.. الكبار ملوا من الانتظار.. هرمنا ونحن نترقب وطنا يحمينا ويحتضننا ونكون شركاء فيه.. أكثر عبارة تقتلني اسمعها تقريباً يومياً.. البلد دي مش بلدنا.
بقايا محارب تدفعني ان أصمد.. عظام أبي وأمي تجبرني ان التصق بالارض.. احلام حفيدي ترغمني ان اتمسك بالعلم.. لكنني موجوع فاحترموا الامي ولاتكتبوا علي شاهد القبر.. هنا يرقد من كان وطنا.