الجمهورية
السيد هانى
في مكتبة الإسكندرية: متحدون ضد التطرف "1" ومعاك 30 ثانية..
استطاعت مكتبة الاسكندرية منذ إفتتاحها في 16أكتوبر 2002. الحفاظ علي الريادة الثقافية لمصر في المنطقة العربية. وتعزيز مكانة مصر الثقافية علي مستوي العالم. من خلال الأنشطة المتعددة التي قامت بها.. حتي أصبحت مكتبة الاسكندرية في فترة وجيزة من أكبر الصروح الثقافية علي مستوي العالم. إن لم يكن أكبرها علي الإطلاق.. أقول ذلك بمناسبة إنعقاد المؤتمر الدولي الثالث لمكافحة التطرف. الذي نظمته المكتبة هذا العام في الفترة من 17 الي 19 يناير الماضي تحت عنوان ¢العالم ينتفض : متحدون في مواجهة التطرف¢ ..
كان المؤتمر الأول قد عقد في يناير 2015 تحت عنوان: "نحو استراتيجية عربية شاملة لمواجهة التطرف".. والمؤتمر الثاني عقد في يناير 2016 تحت عنوان: "صناعة التطرف: قراءة في تدابير المواجهة الفكرية"..
شارك في كل مؤتمر من المؤتمرات الثلاثة أكثر من 300 باحث ومفكر من المصريين والعرب والأجانب المهتمون بقضايا الإرهاب. كما قدمت أوراق بحثية علي مستوي عال من الأهمية.. كل ذلك كما صرح د. إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية يأتي في إطار برنامج متكامل للمكافحة الفكرية للتطرف تنفذه المكتبة علي عدة مستويات. لذلك فقد أسست المكتبة عددا من المراصد المتخصصة في دراسة ظاهرة الإرهاب ونقد خطاب التطرف. ونشرت 28 كراسة شارك فيها باحثون من مصر والمغرب والجزائر وتونس وفرنسا وبريطانيا واليابان والعراق وسوريا.. كما وقعت مكتبة الاسكندرية عددا من الاتفاقيات لبناء شبكة من مراكز الأبحاث من مصر وتونس والمغرب والولايات المتحدة والبحرين والسعودية والإمارات والسودان والأردن بهدف تبادل الخبرات وتنسيق الجهود في مجال دراسات التطرف والإرهاب ..
إذن لابد أن نوجه التحية الي فريق العمل بمكتبة الاسكندرية. الذي يقوم بتنفيذ هذا البرنامج. علي هذا المجهود الكبير ..
***
لكن الي جانب التحية.. يحتاج الأمر أيضا أن أسجل بعض الملاحظات. التي أحسب أنها تستحق التوقف عندها :
* الملاحظة الأولي: تتصل بمسألة توزيع وقت التحدث في جلسات المؤتمر بين الجالسين علي المنصة والجالسين في القاعة. لأنه ليس من المعقول أن يمنح المتحدثون علي المنصة معظم الوقت.. ثم نقول للمتحدث من القاعة: "معاك 30 ثانية" !!..
لقد سبق أن نبهت الي ذلك في مقال نشرته بالجمهورية يوم الأثنين 8 ديسمبر 2014.. قلت فيه : ¢إن من أكبر الأخطاء التي ترتكب في المؤتمرات بصفة عامة. أن يمنح معظم الوقت للجالسين علي المنصة باعتبارهم المتحدثين الرئيسيين في الجلسة.. بينما لا يمنح من الوقت للجالسين في القاعة سوي دقيقتين فقط لكل من يريد طرح سؤال أو تقديم مداخلة.. بل أحيانا يعتذر مدير الجلسة عن تلبية طلبات كل الراغبين في طرح الأسئلة بسبب ضيق الوقت.. وكأن الوظيفة الأساسية لهؤلاء الذين حضروا من أجلها هي التصفيق فقط للمتحدث عندما ينتهي من إلقاء كلمته.. لابد أن ألفت نظر القائمين علي تنظيم المؤتمر الي أن الجالسين في القاعة هم أساتذة وعلماء ومفكرون ومبدعون.. ودائما يكون بينهم من هو أكثر علما وثقافة وفكرا من المتحدث الجالس علي المنصة.. فإذا ما أعطيت له الكلمة. يكون حديثه أكثر ثراء وقيمة من حديث الجالس علي المنصة. فكيف نعطي لمثل هذا العالم دقيقتين فقط. ونقول له اطرح سؤالك لو سمحت!.. هل يعقل عندما يكون أحد الجالسين في القاعة - كما حدث من قبل - هو الدكتور عبد العزيز حجازي رئيس وزراء مصر الأسبق. وعندما يطلب الكلمة لا يسمح له إلا بدقيقتين فقط !.. لأن الجالس علي المنصة استهلك معظم وقت الجلسة؟..
لقد أتيح لي المشاركة في عدد من المؤتمرات العالمية كانت أفضل تنظيما من المؤتمرات التي تنظم عندنا في مصر.. أولا: لا توجد منصة وقاعة.. إنما توجد مائدة علي شكل مستطيل كبير بمساحة القاعة كلها.. تتسع أحيانا لأكثر من مائة متحدث.. إذن فالكل جالسون في مستوي واحد.. يتم توزيع الوقت من 7 الي 10 دقائق فقط للمتحدث الرئيسي. ومن 5 الي 7 دقائق لكل من يريد تقديم مداخلة.. فكرة إن الجالس في القاعة يسأل. والجالس علي المنصة يجيب غير موجودة.. لأننا لسنا في حصة دراسية.. وإنما نحن في مؤتمر فكري¢ ..
* الملاحظة الثانية تتصل باختيار المتحدثين علي المنصة ورؤساء الجلسات.. ماهي بالضبط المعايير التي يتم علي أساسها اختيارهم؟..
إذا كان المعيار هو أن يمثلوا أكبر عدد ممكن من الدول العربية والأجنبية. لكي تتوفر للمؤتمر صفة ¢الدولية¢.. فهذا شئ عظيم ..
أما إذا كان المعيار هو اختيار ¢الأصدقاء والمحاسيب¢ كنوع من المجاملة لهم.. فتلك مصيبة كبري لابد أن نضع لها حدا.. لأنه من غير المعقول أن نجد في كل مؤتمر شخصيات مصرية معينة يتم اختيارها كمتحدثين. فيصعدون الي المنصة ويقرأون علينا من الورق نفس الكلام الذي سبق أن قرأوه من نفس المكان في مؤتمر سابق.. وهو للأسف كلام ضحل.. ومستوي هؤلاء الأشخاص أقل كثيرا من أن يكونوا متحدثين في مؤتمرات مكتبة الاسكندرية.. لا أريد أن أذكر أسماء معينة حتي لا أسبب لأصحابها حرجا.. لكن لابد من إقصاء العلاقات الشخصية عند اختيار المتحدثين..
***
* الملاحظة الثالثة هي أخطر ما في الموضوع.. وهي أن بعض المتحدثين في مؤتمرات مكتبة الاسكندرية لمكافحة التطرف. يبثون أحيانا خطابات طائفية تعتمد علي المغالطات وخلط الأوراق ببعضها.. من هؤلاء شخص اسمه : ¢سعيد شحاتة¢.. كان يتحدث في الجلسة التي عقدت في الفترة بين الساعة العاشرة صباحا والثانية عشرة ظهرا يوم الأربعاء 18 يناير 2017 تحت عنوان: ¢إستراتيجيات مواجهة التطرف: خبرات متعددة¢.. طلبت الكلمة للرد عليه.. لكني فوجئت برئيسة الجلسة الأستاذة جميلة سلمان نائب رئيس مجلس الشوري بالبحرين تعلن أنها لن تسمح بمداخلات من الجالسين في القاعة بسبب ضيق الوقت.. حيث كان المتحدثون علي المنصة قد استنفدوا معظم وقت الجلسة.. وأنها ستسمح فقط بطرح الأسئلة.. فوقفت وقلت لها : ¢إننا هنا لسنا طلبة في مدرج بالجامعة لكي نطرح أسئلة ونتلقي الإجابة عليها.. يجب أن تعلمي أن الجالسين في القاعة ليسوا أقل ثقافة من الجالسين علي المنصة. وأننا في مؤتمر ولسنا في ندوة تثقيفية. بالتالي إذا لم يدر بيننا حوار.. يفقد المؤتمر معناه¢!.. صفق الحاضرون تأييدا لما قلته فأعطتني الكلمة ..
* كان الدكتور سعيد شحاتة قد تحدث لمدة 20 دقيقة تقريبا. ألقي خلالها بحثا عن معوقات تندماج المسلمين في المجتمعات الأوربية.. لم أتوقف عند هذه النقطة لأن الوقت المخصص لي دقيقتان فقط. إنما توقفت عند ما هو أخطر من ذلك. عندما استنكر ردة فعل المسلمين الغاضبة علي نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في بعض الصحف الأوربية. قائلا إن بعض الأفلام الغربية تصور السيد المسيح عليه السلام من المثليين جنسيا. ومع ذلك لم يعترض أحد من المسيحيين ! ..
* قلت له: ¢لأن المثلية هي جزء من ثقافة المجتمعات الغربية. الدليل علي ذلك أن الدول الغربية توثق زواج المثليين. بينما نحن في الدول الإسلامية نعتبر المثلية خطيئة كبري¢.. فوجئت بالدكتور سعيد شحاته يقاطعني.. قلت له : ¢أنا لم أقاطعك.. أنت تحدثت لمدة 20 دقيقة. وأنا لي دقيقتان فقط فلا تقاطعني¢.. فتدخلت رئيسة الجلسة وقالت لي ¢وقتك انتهي¢ ..!!
* واصلت حديثي وسط حالة من الفوضي في القاعة.. قلت: "لقد سافرت الي الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من مرة والتقيت بجماعات المثليين.. إنهم يعتبرون أنفسهم يمثلون 10% من سكان العالم. ويطالبون بأن يكون لهم مندوبا في الأمم المتحدة.. إنهم منظمون جدا.. لديهم مؤسسات خاصة بهم تعمل في كافة المجالات. وهم الذين أنتجوا الأفلام التي تصور السيد المسيح من المثليين جنسيا. لكي تبدو المثلية وكأنها سلوك طبيعي" ..!
***
بقي أن أطرح هذه الأسئلة البريئة:
1 لماذا تتم دعوة الدكتور سعيد شحاتة في كل مؤتمر تعقده مكتبة الاسكندرية عن التطرف ؟..
2 لماذا في المؤتمرات الثلاثة التي عقدتها مكتبة الاسكندرية حول هذا الموضوع.. كان الدكتور سعيد شحاته دائما متحدثا علي المنصة بإحدي الجلسات ..؟
3 من الذي يتحمل ثمن تذكرة الطائرة من لندن الي القاهرة ذهابا وإيابا للدكتور سعيد شحاتة في كل مؤتمر..؟
* سأختتم المقال بالقول: إنني لم أحصل علي الفرصة الكافية للرد علي مغالطات الدكتور سعيد شحاته ..!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف