المساء
محمد جبريل
اليمين المتطرف.. هل يسيطر علي الغرب؟
في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي أتاحت دول الغرب لليمين المتطرف في المانيا أن يكون نداً مناوئاً للمذهب الشيوعي الذي بدأ الاتحاد السوفيتي تصديره إلي دول العالم وظهرت النازية بقيادة أدولف هتلر فيما يشبه نزع سدادة القمقم أو السحر الذي انقلب علي صاحبه. تحولت المانيا النازية إلي دولة معادية للغرب وأعدت لحرب عالمية كادت تفضي إلي دمار العالم.
لم تقف تأثيرات نجاح النازية علي المانيا امتدت أنشطة اليمين المتطرف إلي العديد من البلدان أخطرها فاشية موسوليني في ايطاليا. كما سقطت الملكية في اسبانيا عقب حرب أهلية دامية قادها الدكتاتور فرانكو وتحركت النوازع الشعوبية والعرقية بما وسع من دوائر الحرب العالمية الثانية.
لا أغالي لو قلت ان التحركات السياسية الحالية في الغرب تعيدنا إلي أيام ظهور المانيا الهتلرية وما تبعها من ظهور دكتاتورية فرانكو في اسبانيا وظهور الفاشية في ايطاليا ونشوء حركات متطرفة في الكثير من دول العالم ومنها مصر التي تعالت فيها شعارات تعلن: مصر فوق الجميع وارتدي المنضمون إليها قمصاناً مشابهة لقمصان النازي والفاشيست.
كما نري فقد أعقب فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة من بوابة "أمريكا أولاً" وحظر دخول بلاده علي رعايا سبع دول إسلامية فوز ماريان لوبين مرشحة اليمين الفرنسي بثقة الناخبين في الانتخابات التمهيدية الفرنسية ودعت المنظمات السياسية اليمينية في عواصم أوروبا إلي توحيد صفوفها ومواقفها للفوز في الانتخابات النيابية بما يجعل من الغرب في قبضة اليمين المتطرف.
من الخطأ تصور عدم وجود صلة بين هذه التطورات السياسية والأوضاع في الوطن العربي. فقد أعلن الرئيس الأمريكي ـ عقب توليه السلطة ـ حظر دخول مواطني سبع دول إسلامية إلي بلاده وخاض معارك معلنة مع الإعلام والقضاء دفاعاً عن القرار الذي أصدره وقرارات أخري يعد لها في الإطار نفسه وهو أن تخلو الولايات المتحدة من المهاجرين رغم ان رواد انشائها ـ منذ إعلان التسمية ـ من المغامرين الوافدين إلي قارة الهنود الحمر!
أما ماريان لوبين فإنها تسعي لاقتصار الحياة في بلادها علي ذوي الأصول الفرنسية وبرنامجها الانتخابي يدعو لمنع الهجرة إلي فرنسا وإذا كانت لوبين قد لقيت الهزيمة في أكثر من دورة ترشيح سابقة للرئاسة اتساقاً مع تصاعد اليسار في الحياة السياسية الأوروبية فإن استبيانات الإعلام تؤهلها للترشيح في الانتخابات الرئاسية القادمة.
بالإضافة إلي ذلك فقد جرت اتصالات معلنة بين الأحزاب اليمينية في أوروبا والحركات الشوفينية المتطرفة لتوحيد أهدافها ومساراتها في رفض "الآخر" المتمثل في المهاجرين من دول العالم الثالث وهو رفض يتجه ـ في الوقت نفسه ـ ضد مبدأ حق البشر في الهجرة والانتقال.
أخطر ما في هذه الأحزاب والاتجاهات اليمينية المتطرفة في الغرب. توافق مواقفها العنصرية الرافضة للأجناس غير الأوروبية وتأييدها للكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة وهو ما عبر عنه قادة الأحزاب والتيارات وأكده الرئيس الأمريكي الجديد في خطبه وقراراته.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف