جلال دويدار
لابد أن تدرك كل الأطراف : .. الطلاق أبغض الحلال
لا أحد ينكر أو يمكن ان يتجاهل أن مشكلة الطلاق في مصر تشهد حاليا تفاقما خاصة بين الشباب سواء كان قادرا ماديا او من محدودي الدخل. لا يخفي علي أحد أن وراء ذلك اسباباً تربوية وثقافية واجتماعية. انها ومع ارتفاع معدلاتها تحولت الي كارثة اجتماعية عويصة تتسم بالخطورة بما يمثل تهديدا لأركان المجتمع. بذل أي جهود او اجتهادات من اجل الحد ومعالجة هذه الظاهرة لا يجب أن يعوقها اي جمود فكري لا يتفق ومتغيرات العصر والحياة.
ليس هناك ما يمنع باي شكل من الاشكال من ضرورة واهمية ان تكون هناك ضوابط تتوافق وروح الشرع الذي يدخل ضمن اهتماماته.. الحفاظ علي الروابط العائلية واستقرار الحياة المجتمعية للمسلمين. من المؤكد ان علماء ورجال الدين وباعتبارهم جزءا أساسيا من تركيبة هذا المجتمع الذي يعاني من انعكاسات الزيادة في حالات الطلاق. المشكلة لا تنحصر آثارها المدمرة بالمشكلة مباشرة ولكنها تشمل ايضا الكيانات الاسرية بمعناها الواسع والكبير حيث تهدد ذيولها المجتمع كله.
ان خطورة قضية الطلاق من واقع نتائجها المفزعة لا يجب ان تكون مجالا للجدل والصدام باعتبار ان الدين يسر لا عسر وان اهدافه وسماحة تعاليمه تمثل رحمة بالمسلمين ورعاية لمصالحهم من كل الجوانب. في هذا الاطار فان أي اجتهاد للخروج من الازمة الاجتماعية لا يجب ان تكون مجالا للتشدد والعصبية وانما الامر يتطلب التلاقي من أجل إيجاد الحل المناسب الذي يحقق الصالح المجتمعي المستهدف الذي لا يمكن ان يختلف عليه أحد.
الأهمية والخطورة التي أصبح يجسدها شيوع ظاهرة الطلاق بهذا الشكل المقلق كان دافعا للرئيس السيسي لفتح باب النقاش والبحث حول الوسيلة المثلي لمواجهتها. حول هذا الامر كان من الطبيعي ان تبادر هيئة العلماء ومجمع البحوث الاسلامية المنبثقان عن الازهر الشريف للادلاء بالرأي وهو ما لا يجب أن يغلق باب الاجتهاد وفقا لما تقضي به الشريعة. سعيا إلي هذا الهدف فانه لابد أن يكون للعلماء والخبراء في العلوم التربوية والنفسية دور في هذه الجهود.
في شأن خطورة هذه الظاهرة وبالاحصائيات اوضح فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية.. تعاظم خطورة هذه الأوضاع السلبية من واقع ما تتلقاه دار الافتاء من استفسارات حول الطلاق والتي بلغت في الشهر الماضي ٣٢٧٧ سؤالا. كل الاسئلة تركزت حول استخدام يمين الطلاق والتي تتم في لحظات غضب. اشار الي ان الجانب الاكبر من حالات الطلاق تتم نتيجة التدخلات الخاطئة من اهل الزوجين.
وفي إدراك من جانبه لخطورة الاقدام علي الطلاق دعا فضيلة المفتي الي اجراء لقاء مع الزوج قبل ايقاع الطلاق للتأكد من قناعته مشيرا إلي أهمية توافر الثقافة اللازمة. قال ان دار الافتاء تحاول تعظيم ثقافة الزواج لضمان استمراره. هذا الأمر يتم من خلال دورات تدريبية للشباب المقبلين علي الزواج تنظمها دار الافتاء باعتبار ان الحياة العملية داخل الاسرة تختلف بعد الزواج في السلوك والمسئوليات.
معالجة حالة التوتر التي تولدت عن إبداء الآراء تُحتم ان يكون هناك لقاء يجمع جميع الاطراف برئاسة فضيلة الامام الاكبر الدكتور أحمد الطيب لحسم هذا الأمر وتحديد الخطوات التي يمكن اتخاذها مستهدفة التوفيق بين روح الشريعة الدينية ومتطلبات الحفاظ علي الروابط الأسرية. المفروض ان يتم ذلك ايمانا بأن »أبغض الحلال عند الله الطلاق». من المؤكد ان تفعيل هذا القول الكريم يدعو الجميع الي مزيد من البحث والاجتهاد لتحقيق المعني والهدف. التحرك نحو تسوية مرضية لهذه الأزمة يأتي تقديرا لجسامة تداعياتها علي كل جوانب الحياة في مجتمعنا.