المساء
فتحى حبيب
تغيير السياسات قبل الأشخاص!
بعد مخاض عسير انشغل به الشارع المصري ومواقع التواصل الاجتماعي وصفحات الجرائد ومنصات الفضائيات بزغ ميلاد التغيير أو التعديل الوزاري.
وما بين أخبار متلاحقة عن اعتذارات بتولي المنصب وتكهنات بتعيين فلان الفلاني.. ظلت الناس تعاني من انفجار الأسعار مع تعليق الأمر علي شماعة الدولار وتحرير سعر الصرف.. ولا أعرف ما دور الدولار "الله يخرب بيت أبوه واللي جابوه" في ارتفاع أسعار السكر والأرز والخضروات في دولة منتجة ومصدرة لهذه السلع.. اللهم إلا جشع التجار واحتكار فئة معينة لكل مقدرات الشعب المسكين الذي أعيته الحيل في تدبير أبسط احتياجاته اليومية والحياتية.. والحقيقة التي لا مراء ولا جدال فيها أن زمن الحكم الماضي لم يكن يأبه برأي الشارع في أداء الوزراء والمحافظين.. بل كان يتحدي آمال وطموحات الجماهير بالبقاء علي رجاله في السلطة مهما كان أداؤهم السييء.. بل إن بعضهم "خلل" في المكان من طول الفترة التي قضاها وزيراً.. والأمثلة كثيرة دون إبداع أو طرح أفكار خارج الصندوق حتي غرق البلد في بحور الفساد والروتين العقيم.
لكن الوضع يختلف الآن.. فالنظام يحاول جاهداً تلبية مطالب الشعب في حكومة قوية من الكفاءات وأصحاب الخبرات القادرين علي مساعدة الرئيس في النهوض بالبلاد وتلبية مطالب العباد وإدراك ما فاتنا علي مر السنوات العجاف خلال أنظمة الحكم الغابرة.. ومن هنا لم يجد غضاضة في التجاوب مع أماني وآمال الجماهير في إجراء تغيير وزاري حتي ولو علي فترات قصيرة طالما فشلت الحكومة في مواجهة الأزمات إيماناً بأن الشارع هو الفيصل والحكم علي أداء الوزراء والمحافظين وكل التنفيذيين.
نعم.. أداء بعض وزراء الحكومة كان ضعيفاً بل وسيئاً وأداروا العديد من الملفات بطريقة خاطئة أثارت لغطاً وغضباً كبيراً بين المواطنين.. وبات مهماً إجراء تغيير يتناسب مع طموحات الجماهير ويتواكب مع طبيعة المرحلة التي تمر بها البلاد.. خاصة أن الحكومة أصبحت تمثل عبئاً علي الرئيس.. فالمسافات في التفكير والأداء والطموح بين بعض الوزراء والرئيس متباينة وبعيدة تماماً.
والآن وقد خرج التغيير الوزاري للنور وفي الطريق للموافقة النهائية عليه.. نعاود ونكرر أن المشكلة ليست في تغيير أشخاص.. وإنما الحاجة الماسة الآن هي تغيير السياسات التي عفا عليها الزمن والأفكار البالية التي تقوقعت معها البلاد وتراجعت تراجعاً شديداً في كل المجالات.. نريد سياسات حكومية واضحة وشفافة تعلي من سيادة القانون بين الجميع وتنحاز للبسطاء والفقراء ومحدودي الدخل.. تملك قدرة السيطرة علي الأسعار ومواجهة الأزمات المتفاقمة والمتلاحقة مع وضع خطط للنهوض بالتعليم والصحة والزراعة والسياحة والمجالات الأخري.
نحلم بوزراء لديهم القدرة والكفاءة لتغيير حياة الناس إلي الأفضل.. وزراء مبدعين وأصحاب فكر قادرين علي إحداث الفارق والتفكير خارج الصندوق.. يتحررون من الفكر الإداري العقيم والبيروقراطية التي هدمت الإبداع.. لديهم إصرار وعزيمة علي تحجيم عصابة الفساد المسيطرة في كل مكان والقضاء عليها وليس السقوط في براثنها.
ونأمل أن يعقب التغيير الوزاري حركة محافظين قوية.. خاصة في ظل الأداء الضعيف للعديد من المحافظين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف