الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
هكذا يكون التعديل الوزاري
ــ لماذا نجح وزراء زمان؟!.. والآن.. ومنذ سنوات نبحث عن وزير كفء لوزارة ما. وكأننا نبحث عن إبرة في كوم قش؟!!
ــ الإجابة سهلة جداً.. لأن وزراء زمان كان اختصاصهم ودراساتهم وخبرتهم وعقلياتهم ترشحهم ليكونوا وزراء ناجحين لأبعد الحدود.. وكانوا يتولون مناصبهم وهم علي علم بكل شيء في الوزارة قبل التشكيل.. كانت الوزارات المختلفة مرتبطة بأسماء معينة.. وزارة المالية مثلاً مرتبطة باسم إسماعيل صدقي باشا. أو مكرم عبيد باشا. أو زكي عبدالمتعال باشا مثلاً.. وزارة العدل مرتبطة باسم صبري أبوعلم باشا. أو عبدالسلام فهمي جمعة باشا مثلاً.. وزارة الداخلية مرتبطة باسم محمود فهمي النقراشي باشا. أو فؤاد سراج الدين باشا.. ووزارة الشئون الاجتماعية مرتبطة باسم عبدالحميد عبدالحق باشا. بل كان الوزراء الذين يأتون من بعده يطبقون نفس أفكاره الاجتماعية الحقيقية.. وهكذا.
* * *
ـ وهنا يظهر سؤال آخر: لماذا يتم تغيير الوزير مادام ناجحاً في وزارته؟!!
ــ لأن زمان كان هناك برلمان وانتخابات بصرف النظر عن التلاعب في نتائج الانتخابات.. الحزب الذي له أغلبية في البرلمان هو الذي يؤلف الوزارة.. لذا كان التغيير "إجبارياً".. وبعد الثورة تم إلغاء الأحزاب يوم 16 يناير 1953. وجاء ما يسمي "هيئة التحرير" بعد أسبوع يوم 23 يناير 1953. ثم الاتحاد القومي عام 1957. ثم الاتحاد الاشتراكي يوم 4 يوليو ..1963 هنا لم تعد هناك ميزة الأحزاب وارتباط الحكومة بأغلبية المجلس النيابي.
* * *
ــ لماذا أكتب هذا الكلام الآن؟!!
ــ لأن الدنيا تغيرت بعد ثورتين.. لذا لم يعد مقبولاً أن أقرأ أمس حول التعديل الوزاري أنه يشمل وزيراً سابقاً للتموين.. هذا معناه أنه كان وزيراً ناجحاً. ويعود إلي منصبه مرة أخري.. هذا كان مقبولاً.. أو قل ضرورياً. بل إجبارياً أيام الأحزاب السياسية بعد انتخابات ما.. ولكن الآن الوضع مختلف تماماً.. الأحزاب السياسية ذات المبادئ المختلفة أصبحت أحزاباً ورقية ليس لها أي ثقل ولا شعبية قط.. حتي نظام التكتلات البرلمانية الحالية لم تنجح في إظهار وتلميع شخصيات تفرض نفسها علي المناصب العليا.
* * *
يقال إن السيد علي المصيلحي. رئيس لجنة الشئون الاقتصادية في مجلس النواب ووزير التموين الأسبق.. سيعود وزيراً للتموين بعد أن وصلنا إلي هذا التدهور في الأسواق.. لماذا إذن تم تغييره واستبداله مادام كان وزيراً ناجحاً؟!.. لم تعد هناك أحزاب تريد فرض رجالها علي السلطة التنفيذية.. نحن الآن في ظروف تسمح لنا أن نشكل وزارة من أكبر كفاءات في كل مجال. ونترك لهم فرصة من الوقت ليحققوا لنا الحلم الكبير دون أي تغيير.. التعديل الوزاري المتكرر مضاره أكبر من فوائده إلا في حالات ضرورية للغاية!!.. حينما اختار مصطفي النحاس أستاذين من كلية الحقوق جامعة فؤاد الأول فجأة كوزيرين في آخر لحظة.. قالوا له: هل الأستاذين وفديان أم لا؟!.. فقال النحاس: حتي لو كانا من أي حزب آخر. سأتمسك بهما.. تكفيني كفاءتهما".. هكذا يكون التعديل وبأقصي سرعة في ساعات.. وكان تعديلاً في منتهي النجاح.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف