المساء
مؤمن الهباء
يغزلون برجل حمار!!
سئل الدكتور علي حجازي رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي عن أزمة التأمين الصحي حالياً فقال إنها أزمة موارد.. ميزانية التأمين حوالي 7.2 مليار جنيه وهو مبلغ لا يكفي لتلبية احتياجات المواطن.. ورغم أن القانون الجديد الصادر في 14 يناير الماضي يضيف 2 مليار جنيه لميزانية الهيئة إلا أننا نحتاج 4 أضعاف هذا الرقم لو أردنا أن نقدم تأميناً صحياً للمواطن بمعني الكلمة وتحسين مستوي الخدمة.. سواء في المستشفيات أو العيادات أو المراكز الطبية.. وذلك لتقليل حجم الانتقادات الكثيرة التي توجه للتأمين الصحي.. سواء أكان هذا التقصير في المستلزمات أو في التجهيزات.
واختتم د.حجازي حديثه لصحيفة "الأخبار" المنشور في 2 فبراير الجاري بقوله: "نحن للأسف نغزل برجل حمار".. ولم تحصل الهيئة علي الزيادة المقررة بعد.. فقد تقدمت الهيئة بمشروع القانون في عام 2015 لكنه لم يصدر إلا في 14 يناير الماضي.. وبالتالي لم تتحصل الهيئة علي مبلغ الزيادة عن العام الماضي.
جميل أن يعترف رئيس التأمين الصحي بأن الهيئة لا تقدم تأميناً صحياً بمعني الكلمة للمواطن.. وألا ينكر جوانب القصور والتقصير.. وجميل أن يسعي إلي تحسين المستوي.. وأن يكون حديثه صريحاً إلي هذا المستوي.. فلا يدعي أن كل شيء تمام ويلقي باللائمة علي الناس الذين لا يملون من الشكوي كما يقول آخرون.. ولو كان هناك من يهتم جدياً بمصلحة البلاد والعباد في هذه الدولة لالتقط من الرجل طرف الحديث.. وبذل أقصي ما يستطيع من أجل زيادة موارد التأمين الصحي الذي صار الملاذ الأخير في الرعاية الصحية لأكثر من 52 مليون مواطن يشكلون حوالي 60% من الشعب المصري.. خصوصاً بعد أن تدهور الحال في المستشفيات الحكومية وشبه الحكومية.. ويجري الآن بيعها أو تشغيلها بأجر.
ليس لدينا الكثير من المسئولين القادرين علي الاعتراف بالحقيقة المرة علي الملأ وطلب المساعدة.. من أجل تطوير أداء مؤسساتهم.. وليس سهلاً علي كثير من مسئولينا الاعتراف بالقصور والتقصير.. لذلك يجب أن نقف مع المسئول الصادق مع نفسه ومع الناس.. وأن نشجعه علي المزيد من يقظة الضمير والوعي بالمصلحة الوطنية.. حتي لا يكون كل همه الرضا بالمكتب الفخيم والكرسي الوثير والسيارة الأنيقة.
الناس لا تري الدولة إلا من خلال الخدمات التي تقدمها لهم.. وبالذات في المرافق الحيوية كالتعليم والصحة والمحليات والمواصلات.. وعندما تحسن الدولة معاملة مواطنيها في هذه المرافق فسوف تحصل منهم علي الرضا العام الذي هو أكبر جائزة تحصل عليها دولة من مواطنيها.
والعالم كله الآن يجتهد في تحسين وتطوير التأمين الصحي.. إلي الدرجة التي صار فيها التأمين الصحي بنداً أساسياً ثابتاً في البرامج الانتخابية للرؤساء والحكومات.. ونحن لا نتطلع إلي أن نكون علي هذا المستوي الذي بلغه التأمين الصحي في البلدان المتحضرة.. وإنما يكفينا أن نحصل علي "تأمين صحي بمعني الكلمة".. لأننا جميعاً في أمس الحاجة إليه.. ومن ليس في حاجة له اليوم فسيكون في حاجة له غداً.. عندما يكون علاجه بآلاف الجنيهات.. أو عندما تقرر له عملية جراحية لا يستطيع أن يدفع تكاليفها.
دعم التأمين الصحي أهم بكثير من سيارات رئيس مجلس النواب ووكيليه.. وأهم بكثير من زيادة مرتبات ومخصصات النواب والمبالغ المدفوعة لشراء أجهزة تابلت لا يستخدمونها.. وأهم بكثير من زيادة مرتبات رئيس الوزراء والوزراء ونوابهم.. وأهم من الملايين التي تدفع من ميزانية الدولة لبناء مقار حكومية فاخرة.. وتطوير مكاتب المسئولين.. وإنفاق ملايين في مظاهر كاذبة لا تسمن ولا تغني من جوع.
كل جنيه سيتم توجيهه إلي التأمين الصحي سيعود بالخير علي المواطن وعلي الدولة.. وسيكون فيه رضا الله سبحانه وتعالي.. لأنه سينفق علي مريض لم يعد له حول ولا قوة.
لنعمل معاً علي زيادة موارد هيئة التأمين الصحي التي هي بحق إحدي المؤسسات الوطنية المتحضرة في الدولة المدنية الحديثة التي تسخر إمكانياتها لخدمة شعبها.. حتي لا يغزل المسئولون فيها برجل حمار.
ومازلنا في انتظار القانون الشامل للتأمين الصحي لعله يكون الحل لمشكلة الموارد وتطوير الخدمات الصحية.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف