المساء
مؤمن الهباء
قضية السادات
تمثل قضية اسقاط عضوية النائب محمد أنور السادات نموذجا صارخا للطريقة العشوائية الفجة التي يتعامل بها مجلس النواب مع اعضائه المغضوب عليهم.. وهي طريقة مرتبكة.. تفتقد الخبرة السياسية.. وتبدو كما لو كانت فصلا في مسرحية هزلية.
والمتابعون للقضية من بدايتها يؤكدون أنه لن يكون من السهل علي المجلس التخلص من السادات.. ليس لأن الرجل صاحب نفوذ أو صاحب كرامات.. وإنما لأن الأسباب المطروحة لاسقاط عضويته مكشوفة.. وكثيرا ما وصفت بأنها "تصفية حسابات".. ناهيك عن أداء السادات البرلماني اتسم بالرصانة والجدية.. وانحيازاته كانت واضحة إلي جانب مصلحة المواطنين مما أثار موجة الغضب ضده.. لكن. ومن باب المصارحة. لابد أن نثبت هنا أن الضربة التي ستوجه إلي السادات سرعان ما سترتد إلي المجلس ذاته.. وستكون نتائجها سيئة.. وستحسب عليه.
لقد أوصت لجنة القيم بالمجلس باسقاط عضوية السادات رئيس حزب الاصلاح والتنمية بدعوي قيامه بتزوير توقيعات بعض زملائه النواب علي مشروع قانون تقدم به إلي المجلس.. وطالبت اللجنة ايضا بحرمانه من حضور جلسات المجلس إلي نهاية العام بدعوي قيامه بتسريب مشروع قانون الجمعيات الأهلية إلي احدي السفارات الاجنبية.. وهو الاتهام الموجه من وزيرة التضامن الاجتماعي ضد النائب.. يضاف إلي ذلك اتهامه بارسال معلومات إلي الاتحاد البرلماني الدولي ضد مجلس النواب عندما كان رئيسا للجنة حقوق الانسان بالبرلمان.
علي الجانب الآخر ينفي السادات هذه الاتهامات المنسوبة إليه.. مؤكدا عدم اطمئنانه إلي هيئة مكتب المجلس.. ولذلك سارع بتقديم بلاغ ضد نفسه إلي النائب العام وطالب برفع الحصانة عنه والتحقيق معه بمعرفة النيابة في كل الاتهامات الموجهة إليه.
قال السادات إن القضية بمثابة عقوبة له بعد قيامه بكشف صفقة شراء السيارات المصفحة الثلاثة لرئيس المجلس ووكيليه بمبلغ 18 مليون جنيه.. وهي الصفقة التي اعتبرت تجاوزا كبيرا في الميزانية.. وتسببت في حرج شديد للمجلس ورئيسه.. كما طالب بتحويل الاعضاء الذين اتهموه بتزوير توقيعاتهم إلي الطب الشرعي لفحص التوقيعات والتأكد من صحتها.
القضية علي هذا النحو تبدو عملية انتقامية بامتياز.. ليست خالصة لوجه الله والوطن.. كأن المطلوب التخلص من صوت السادات تحت القبة.. ذلك الصوت الذي تجرأ وكشف صفقة السيارات المصفحة ورفض زيادة مرتبات رئيس الوزراء والوزراء ومعاشاتهم.. وأعلن اعتراضه علي بذخ الانفاق الحكومي والتضييق علي المواطنين وزيادة الاعباء والضرائب عليهم.. وطالب بمراقبة ميزانية جميع الجهات والمؤسسات حفاظا علي المال العام.. في الوقت الذي اعلن فيه رئيس البرلمان ان تسريب ميزانية مجلس النواب جريمة أمن قومي.. وهدد صراحة باحالة السادات إلي لجنة القيم لاسقاط عضويته.
ويري كثير من المراقبين ان قضية السادات لا تنفصل عن الأداء العام المتواضع والمرتبك للبرلمان منذ اللحظة الأولي لتشكيله.
قد يخسر السادات مقعده البرلماني في هذه الأزمة.. لكن المؤكد ان خسارة مجلس النواب ستكون أكبر.. داخليا وخارجيا.. فالظروف التي تحيط بقضيته مختلفة تماما عن الظروف التي احاطت بقضية اسقاط عضوية توفيق عكاشة.. ثم إن السادات - شخصيا - غير عكاشة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف