مدبولي عثمان
دائرة الوعي .. ألدو وشاهين.. والشعب الفطين..!
¢شالوا ألدوا.. حطوا شاهين¢. ترددت هذه العبارة بشكل عفوي علي لسان غالبية المواطنين بعد معرفتهم بالتعديل الوزاري في حكومة شريف اسماعيل. وهي تعني أنه لا فرق بين الوزير الجديد والوزير السابق. كما أنه لا فرق بين حارسي نادي الزمالك في الستينات ألدو وشاهين. وأتفق تماما مع فطنة البسطاء المصريين ¢ الذين يفهموها وهي طايرة¢ حتي وان تصور الحكام غير ذلك. وأذكركم بموقف بائع العرقسوس عندما استوقفه في الشارع مراسل محطة تليفزيون عالمية وسأله عن رأيه في مؤتمر السلام في مدريد عام 1991 الذي جمع للمرة الاولي بين الدول العربية واسرائيل سواء في مفاوضات ثنائية او متعددة الاطراف. فصب العرقسوس في كباية وظهر اعلاها الرغاوي. واشار للمراسل باصبعه اليها مما يعني أن المؤتمر لا قيمة له. ومر السنوات واتضحت حكمة هذا البائع البسيط والتي لم يدركها قادة العرب وقتها.
ويسجل التاريخ صفحة مشرقة للذكاء الشعبي المصري في مقاومة قوات الاحتلال الانجليزي. فبعد إنتهاء الحرب العالمية الأولي 1918. ترأس سعد زغلول وفدًا مصريًا لحضور مؤتمر الصلح في فرنسا عام 1919 للمناداة بعدالة القضية المصرية والمطالبة بالاستقلال. ورفضت قوات الاحتلال سفر الوفد واعتقلت سعد زغلول و3 من الأعضاء في 8 مارس 1919ونفتهم الي مالطة. فانفجرت ثورة شارك فيها كافة طوائف الشعب. واضطرت إنجلترا إلي عزل الحاكم البريطاني والإفراج عن سعد زغلول وزملائه والسماح للوفد المصري برئاسة سعد زغلول بالسفر إلي مؤتمر الصلح في باريس.
ورفض مؤتمر فرنسا المطالب المصرية. وعاد المصريون إلي الثورة. وقاطعوا البضائع الإنجليزية. فألقت قوات الاحتلال القبض علي سعد زغلول. ونفوه مرة ثانية إلي جزيرة سيشل في المحيط الهندي 23 ديسمبر 1921. وقررت جلد وسجن كل من يثبت عليه ذكر اسم سعد.
وظهر الذكاء الشعبي في مقاومة القرارالجائر بإطلاق أغنية "يا بلح زغلول.. يا حليوة يا بلح " كلمات بديع خيري وألحان سيد درويش وغناء نعيمة المصرية. وحققت انتشارا واسعا لأنها تحمل اسم الزعيم المنفي. وتغني المصريون في كل شارع رغم أنف الإنجليز بالكلمات القائلة:
يا زرع بلدي عليك يا وعدي.. يا بخت سعدي زغلول يا بلح
عليك أنادي في كل وادي.. قصدي ومرادي زغلول يا بلح
يا روح بلادك ليه طال بعادك.. تعاصون بلادك زغلول يا بلح
وايضا أغنية "شال الحمام.. حط الحمام" إسقاطًا علي سعد زغلول. تأليف محمد يونس القاضي ولحن محمد القصبجي وغناء منيرة المهدية وردد المصريون ايضا: ¢زغلول وقلبي مال إليه.. أندهله لما أحتاج إليه. عشق الزغاليل غيتي.. وحبهم من قسمتي ¢. وشبه كمال النجمي في كتاب "الغناء المصري مطربون ومستمعون - اصدار دار الهلال عام 1993" صياح الجماهير كأنه قنبلة عند ذكر اسم سعد قائلا: ¢ وكأنما انفجرت قنبلة ذرية في المسرح عندما سمع الجمهور منيرة تقول: زغلول وقلبي مال إليه¢.. نعود إلي التعديل الوزاري الذي أوقف عمل الدولاب الحكومي حوالي 5 أشهر منذ الإعلان عنه للمرة الأولي في أكتوبر 2016عام. حيث ارتفع معدل ارتعاش الفكر "إذا كان هناك فكر" والايدي عند الوزراء ومساعديهم ومستشاريهم وعند كبار المسئولين في انتظار التعديل الجديد. واكتفي الجميع بتسيير الاعمال فقط.
وبعد هذه الأشهر الطويلة من المشاورات والمداولات السرية والعلنية قابل خلالها رئيس الوزراء شريف اسماعيل 50 شخصية رفض 16 منهم المنصب. ثم خرج علينا ب 9 وزراء جدد رغم ان الحكومة بكامل هيئتها كان يجب عليها الرحيل بعد الاخطاء الكبيرة التي ارتكبتها. وفشلها في السيطرة علي الأسعار مما حول عيشة غالبية المواطنين إلي جحيم. حيث كشفت احصائيات البنك المركزي المصري ارتفاع معدل التضخم السنوي إلي 30.86%. بزيادة حوالي 100% حيث كان في العام الماضي 16.4%.
وكثرة التغييرات الحكومية والتعديلات الوزارية في بلدنا مصر تكشف عشوائية الاختيار سواء كان شخص رئيس الحكومة أو الوزراء. فمنذ ثورة 25 يناير 2011 تداول علي مصر 7 حكومات أولها حكومة احمد شفيق ولم تستمر سوي 33 يوما "29 يناير حتي 2 مارس 2011". ثم حكومة عصام شرف واستمرت 8 أشهر. وفي 8 ديسمبر تم تشكيل حكومة كمال الجنزوري واستمرت ايضا حوالي 8 أشهر اي ان عام 2011 شهد تشكيل 3 حكومات. أعقبها حكومات هشام قنديل ثم حازم الببلاوي ثم ابراهيم محلب وحكومة شريف اسماعيل الحالية.
ورغم كثرة الوزراء الذين يتناوبون علي كل وزارة لم تتحسن الاحوال بل حدث العكس في أغلب القطاعات وتدهورت الاحوال إلي الأسوأ مما افقد المواطن الاهتمام فكل الوزراء سواء ¢ ألدو مثل شاهين واحمد أخو الحاج أحمد¢.. يتحقق الاستقرار الوزاري ويرتفع الأداء الحكومي عندما نعتمد آلية صحيحة وجادة للتعليم.ولإعداد القادة علي كافة المستويات وفي كل القطاعات. ثم اعتماد معيار الكفاءة والنزاهة والشفافية لاختيار القيادات.