المصريون
جمال سلطان
غزة وسيناء وضعف الرد على الأكاذيب الإسرائيلية
حسنا فعلت الخارجية المصرية بالرد على الكلام الخطير الذي نشره الوزير "الإسرائيلي" "أيوب قرا" على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" ، وزعم فيه أن هناك خطة قدمها الرئيس السيسي لضم جزء من شمال سيناء إلى قطاع غزة لإنشاء دولة فلسطينية عليه ، وأن رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بينامين نتانياهو سوف يناقش هذه الخطة مع الرئيس الأمريكي ترامب أثناء لقائهما الأسبوع الماضي ، وهو الكلام الذي أثار ضجة كبيرة وغضبا أوسع في مصر وشكوكا على نطاق واسع ، خاصة عندما تلكأت الخارجية المصرية في الرد على هذا الكلام ، مما ساهم في انتشار الغضب والإحباط . الخارجية المصرية قالت أن (ما ورد في تصريحات وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي أيوب قرا "مجرد شائعات"، مؤكدة بأن "هناك أسساً تتحرك عليها مصر والدول العربية لبناء الدولة الفلسطينية وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية والعودة لحدود 1967 وليس هناك خطة مصرية غير تلك الأسس المعروفة للجميع) . والحقيقة أن هذا الرد ـ على قيمته ـ رد ضعيف ، لأن مثل هذا الكلام الخطير لا يصح أن نصفه بأنه "شائعات" ، لأن الشائعة هي ما يحتمل الصحة والكذب بدون تأكيد ، أو هي خلط جزء من الحقيقة بأجزاء من الكذب ، مما يستدعي في الوعي نظرية "النار والدخان" الشهيرة ، فإذا كان الموضوع كاذبا جملة وتفصيلا فإن وصفه لا بد أن يكون دقيقا ، وأن يقال أنها "أكاذيب" وليست شائعات ، كما أنه كان ينبغي أن تطالب الحكومة المصرية باعتذار رسمي "إسرائيلي" عما نشر ، لأنه كلام وزير في الحكومة وليس ناشطا سياسيا أو مقالا صحفيا ، بعيدا عن الهراء الذي نشره البعض بأنه وزير مضطرب نفسيا ، أما أن نعلق بمثل هذا الكلام الوديع اللطيف ، فهو يعطي انطباعا سلبيا عن الموضوع وعن مجمل العلاقات . قامت الحكومة "الإسرائيلية" ـ بعد أيام ـ بنفي الخبر ، كما قام متحدث باسم الوزير الكذاب ـ وليس الوزير نفسه ـ بنفي دقة ما قاله الوزير ، واعتبر أنه اعتقاد منه أو تحليل ، ولا أعرف كيف يكون تحليلا أو اعتقادا ، هذه معلومة وليست وجهة نظر ، إما أنها صحيحة أو كاذبة ، ولا وسط ، غير أن الأسوأ هنا أن تتلكأ الحكومة المصرية في نفي هذا الكلام وتتباطأ حتى يتم نفيه من الجانب "الإسرائيلي" أولا ، هذا لا يليق بسمعة مصر وحساسيات أمنها القومي ، كان ينبغي أن يكون الرد أولا وحاسما من جانب مصر وليس من جانب "إسرائيل" . الملاحظة المؤسفة التي لا تخطئها العين ولا الفكر ، أن قطاعا واسعا من المصريين تعامل باهتمام وقلق وغضب وخوف مع تلك التصريحات ، وغياب اليقين فيها ، وبوجه آخر ، هناك من خاف أن تكون صحيحة ، وهذا مؤلم جدا ، أن تصل مستويات فقدان الثقة بين الناس وبين حكومتهم إلى هذا المستوى من التدني والشكوك ، لدرجة أن يخافوا أن يكون الكلام صحيحا ، وهناك من أعاد تفسير ما يجري في شمال سيناء وفق هذا السيناريو الكاذب ، وبدون شك ، فإن ما جرى في قضية تيران وصنافير كان سببا أو تمهيدا لانهيار الثقة إلى هذا الحد ، وهو ما يكشف عن أن السلطة ـ بل الدولة المصرية ـ في حاجة إلى بذل الجهد الكثير والكثيف لترميم الثقة بينها وبين شعبها ، وأن التفريط في شبر من التراب الوطني هو خط أحمر أمام أي مسئول ، أيا كانت صفته أو موقعه أو تاريخه ، فبناء اليقين بتلك النقطة تحديدا هو عمود الأساس في ترسيخ الوطنية المصرية والولاء لها .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف