بسيونى الحلوانى
لا تأخذوا العلم الديني.. من صحفي
كان ضروريا أن يتحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي ليؤكد انه يقصد تجديدا حقيقيا للخطاب الديني. ولا يقصد إطلاقا تخاريف هؤلاء المخرفين الذين ابتلينا بهم في مصر وحاولوا ركوب الموجة وصدم مشاعر المسلمين وغير المسلمين بتطاول سافر ضد الدين وحقائقه الثابتة.
كان ضروريا ان يوضح رئيس الجمهورية للقاضي والداني ان هذا الشعب صادق في تدينه وان الدين يمثل في حياته قيمة كبيرة يجب الحفاظ عليها وان اباطيل المتطرفين والتكفيريين الذين ظهروا علي أرض مصر الطيبة لاتشكك ابدا في صدق تدين هذا الشعب ورغبته الجادة في التعرف علي حقائق دينه وتعاليم شريعته بدون تطرف أو تشدد وغلو.. فدين الله يسر لا عسر. وهو ليس في حاجة إلي هذا العبث الذي حاول البعض نشره بين الناس باسم تجديد الدين وتطويره.
كان مهما ان يوضح الرئيس ان ما بدأ للبعض تجديدا وتطويرا للخطاب الديني ليس هو المطلوب والمستهدف خاصة عندما اختلطت معاني التجديد بأفكار التحريف والتزوير في أذهان البعض.. فتحول التجديد علي أياديهم ومن خلال ثقافتهم الهشة إلي تبديد مرفوض ومدان من كل أبناء الوطن وليس من المسلمين فقط.
منذ أيام استوقفني صديق مسيحي ليسألني: هل شاهدت منظارة الشيخين الازهري والجفري مع اسلام بحيري؟
قلت له: شاهدتها كاملة وهي بالمناسبة ليست مناظرة. لان المناظرة تكون بين متكافئين.. وفي هذا اللقاء لم يكن هناك تكافؤ فقد كان اللقاء بين "عالمين" و"جاهل" وما أكثر الجهلاء الذين يعيشون بيننا.
عاد صديقي المسيحي المثقف ليسألني: وما الذي يدفع علامين كبيرين الي الجلوس مع جاهل في حوار يمتد لساعات عبر الهواء مباشرة وتشاهده الملايين داخل مصر وخارجها؟
قلت له: سؤالك في محلة فقناعتي الشخصية ألا يشغل العلماء أنفسهم بالجهلاء وان يمضوا في طريقهم يشرحون للناس حقائق دينهم دون أن يلتفتوا إلي شغب الجهلاء هنا وهناك.. لكن هذا اللقاء كان مهما لكي يكشف للناس حالة الخبل العقلي التي تسيطر علي عقول بعض المتطفلين الذين يتحدثون عن الاسلام عن جهل ولايتسلحون بغير الحماقة والتهور.
سألني صديقي المسيحي: وما رأيك في مليونية خلع الحجاب؟
ابتسمت وسألته: ما رأيك انت ولو تمت هذه التظاهرة أو تلك المليونية سيكون لكم وجود فيها؟
غضب مني الصديق الودود وواجهني بتكشيرة لم أرها علي وجهه من قبل وقال: وما دخلنا نحن بذلك؟ نحن نحترم خصوصياتكم الدينية كما تحترمون خصوصياتنا.
هذا الصديق المسيحي المحترم يعي كيف يحترم دين الآخرين علي عكس هؤلاء الجهلاء الذين ابتلانا الله بهم حيث يطلون علينا من قنوات فضائية مشبوهة يشككون المسلمين في عقيدتهم وشريعتهم ويرمون العلماء بكل النقائض ويتظاهرون بالدفاع عن الدين ورغبتهم في تجديده وتيسيره للناس.. وهم لايملكون أدوات التجديد ولا مؤهلات تطوير الخطاب الديني.
بعيدا عن سياسات الاقصاء يجب ان تكون هناك وقفة مع هؤلاء الذين يمتلكون قنوات فضائية أو وسائل إعلامية وييسرون للعناصر الضالة والشاردة فرصة التطاول علي الاسلام والتشكيك فيه في الوقت الذي تبرر الجماعات التكفيرية التي تنتهج العنف والتخريب في كل أرجاء عالمنا العربي جرائمها بالدفاع عن الاسلام والتصدي لهؤلاء السفلة الذين يتطاولون عليه ويشككون فيه.
يجب علي كل مؤسسات الدولة ان تنصف العلماء المخلصين الذين يتصدون للدفاع عن الدين كما يجب الا ينساق مسئول أيا كان موقعه أو مركزه وراء اتهامات باطلة ودعاوي كاذبة يوجهها البعض للعلماء والدعاة دون أدلة وبراهين.. فهؤلاء الذين يعملون في ساحة الدعوة والدفاع عن الاسلام يواجهون مصاعب وتحديات كثيرة وواجب كل قيادات الدولة الوقوف إلي جانبهم وتقديم كل مساعدة حقيقية لهم.
يجب علي الاعلاميين المصريين ان يحكموا حسهم الديني والوطني قبل التسرع بتوجيه اتهامات لداعية أو عالم وان يتوقفوا عن نقل اخبار الفساق حتي لايصيبوا العلماء بجهالاتهم فيكون مصيرهم الندم يوم لا ينفع الندم.
يجب ان يتوقف الزملاء الصحفيون عن الكلام في أمور الدين دون علم ويجب ان يتركوا أمر تجديد الدين وتطوير خطابه للمتخصصين الذين يعرفون كيفية يكون التطوير وكيف يكون التجديد.
واجب الصحفي أو الاعلامي ان يتحدث بصراحة ووضوح ومسئولية عن الازمة الفكرية والثقافية والسلوكية التي نعيشها في بلادنا العربية نتيجة تداول المفاهيم الخاطئة عن الدين.. لكن ليس مطلوبا منه ان يتحول إلي داعية يعظ الناس أو إلي فقيه يفتي ويقول هذا حلال وهذا حرام.
رحم الله سلف امتنا الذين قال بعضهم "لا تأخذوا العلم من صحفي" والصحفي عندهم هو كل من قرأ كتابا أو بعض الكتب وتوهم انه أصبح عالما يقول في دين الله ما شاء.