محمد عطية
السماوات المفتوحة.. حق يراد به باطل!!
يبدو أن المحاولات الدءوبة لهدم بل تدمير صناعة النقل الجوي في مصر -وليس مصر للطيران فقط- لحساب حيتان السياحة في الداخل والخارج مازالت مستمرة.. وستستمر.
فقضية فتح السماوات في مصر والمقصود بها مطار القاهرة الدولي - لأن باقي مطارات مصر مفتوحة علي مصرعيها التي نجح الحيتان في الزج بها في إجتماع المجلس الأعلي للسياحة علي أساس أنها العصا السحرية والوصفة النموذجية لجلب السياحة وتدفقها علي مصر هي في الحقيقة حق يراد به باطل.
بداية سياسة تحرير الأجواء والمعروفة في مصر بالسماوات المفتوحة أول من إبتدعتها وطبقتها الولايات المتحدة الأمريكية ولكن من خلال إتفاقيات ثنائية مع الدول لضمان الحفاظ علي صناعة النقل الجوي الأمريكية بصفة عامة وحماية شركات الطيران الأمريكية بصفة خاصة.. ولم تفتح سماواتها سداحا مداحا كما يريدها المباركون لفتح سماوات مصر وتحديدا مطار القاهرة والتي سيترتب علي تطبيقها آثار كارثية ليس علي الشركة الوطنية فقط التي تعد ضمن منظومة الأمن القومي بل علي صناعة النقل الجوي في مصر.. والآثار الأكثر خطورة علي الاقتصاد القومي.
ففتح السماوات في مطار القاهرة تحديدا يصاحبها إنهيار مصر للطيران وخروجها من السوق في حين أنه يتعين علي الدولة تأمينها والحفاظ علي بقائها لأنها جزء من الأمن القومي والأمثلة كثيرة منها علي سبيل المثال الجسور الجوية التي سيرتها مصر للطيران علي مر التاريخ لنجدة المصريين العالقين في أي مكان في العالم يشهد كارثة سواء طبيعية أو بسبب حروب أهلية أو ثورات أو غيرها وإعادتهم إلي البلاد رغم ما تتعرض له طائراتها وأطقمها من مخاطر إضافة إلي الخسائر التي تتكبدها.. وأيضا التزامها بفتح وتشغيل خطوط في دول تكبدها خسائر مالية لأنها كشركة الطيران الوطنية فهي ضمن المنظومة السياسية للدولة ومنها علي سبيل المثال عدد من الخطوط المنتظمة لدول أفريقية.. وأعتقد أن جميعنا يعلم سياسة الدولة الحالية لتوثيق العلاقات مع دول القارة السمراء التي ابتعدنا عنها في الحقبة الماضية رغم علاقاتنا الوطيدة مع أشقائنا الأفارقة علي مر التاريخ... طبعا لن نحمل مثل هذه الخطوط أو الجسور الجوية لإعادة العالقين الخسائر التراكمية الكبيرة التي تكبدتها الشركة الوطنية منذ ثورة 25 يناير 2011 والتي يعلم الجميع أسبابها سواء إنحسار حركة السفر بسبب الأحداث التي شهدتها البلاد في أعقاب ثورة يناير أو حظر دول لرعايها من السفر إلي مصر.. وأيضا جزء من هذه الخسائر بسبب التخبط في الإدارة نتيجة التغييرات الكثيرة والمتلاحقة لقيادات الشركة منذ ثورة يناير - حتي سنوات قليلة مضت - والتي صاحبتها إرتعاش في الأيدي بسبب شبح الاتهامات والمحاكمات التي طالت رموز الطيران في عهد ما قبل ثورة يناير رغم نزاهتهم وما قدموه من جهد في تطوير الشركة.
بالطبع سترتفع أصوات المباركين لهدم اقتصاد مصر من خلال فتح السماوات مطالبين مصر للطيران بالمنافسة وهم علي يقين بأنها منافسة غير شريفة.. ففتح السماوات وبالتحديد مطار القاهرة يعني احتكار شركات الشارتر ومنخفضة التكاليف العربية والأجنبية نقل الركاب العرب والأجانب من وإلي مصر علي اعتبار أنهم سياح لأنهم يتعاملون بالتذكرة الشاملة طيران والإقامة الشاملة في فنادق مناطق الجذب السياحي كشرم الشيخ والغردقة علي سبيل المثال لمدة أسبوع.. وتكون هذه الإقامة باسعار متدنية جدا وتشكل نسبة بسيطة من سعر التذكرة الشاملة في حين تحصل شركة الطيران علي النسبة الأكير مقابل تذكرة الطيران وأرباح الوكيل.. وهكذا ستتمكن هذه الشركات من ضرب أسعار تذاكر الطيران بما يمكنها من السيطرة علي السوق ووقتها لن تخرج مصر للطيران فقط من السوق بل ستتوقف غالبية شركات الطيران الكلاسيكية خاصة الأوروبية مثل إير فرانس والبريطانية وغيرها عن تسيير خطوطها لمصر لتدني أسعار الشارتر ومنخفض التكاليف.. وهذا يعني ضرب الاقتصاد القومي في مقتل وانتعاش خزائن الوكلاء الأجانب وشركات الشارتر ومنخفضة التكاليف الأجنبية.
والكارثة الأكبر والتي تكشف مدي التخبط لمجرد طرح الفكرة أنه طبقا لسياسة التحفيز التي أعلنتها وزارة السياحة للشركات التي تنظم رحلات لمصر تقل سياحا -وطبعا أي أجنبي أو عربي يمكن تصنيفه سائحا- فستضطر دفع ملايين الدولارات لتحفيز هذه الشركات الأجنبية في تنظيم المزيد من الرحلات في نفس الوقت الذي سيتضاءل دخل مصر من الدولارات من هذه الصناعة يعني ¢ موت وخراب ديار ¢
ضمن مسلسل الحيتان تتربص بعض شركات الطيران الخاصة المصرية اسما فقط نظرا لكونها ملك عرب وبمساعدة شماشرجية مصريين دخلوا شركاء صوريين في هذه الشركات المحترفة في ضرب أسعار التذاكر لتحصل علي صفة شركة مصرية وتحصل علي امتياز تنظيم خطوط منتظمة للانقضاض علي خطوط مصر للطيران وبأسعار تذكر زهيدة وهو ما سيدفع الشركات الأجنبية الكلاسيكية لوقف خطوطها بسبب سياسة حرق الأسعار.
الغريب أن المجلس الأعلي للسياحة أوكل لمجلس الوزراء تكليف استشاري أجنبي لدراسة تطبيق السماوات المفتوحة ليكون القرار صادرا من مجلس الوزراء وتضطر وزارة الطيران لتنفيذه.
وقريبا سيسعي بعض حيتان السياحة وأحد المساهمين في تحويل شركات الطيران التي يملكها عرب إلي شركات مصرية وهو في نفس الوقت يدعي رئاسته كيانا وهميا لشن حملة شعواء عبر الفضائيات علي قطاع الطيران خاصة مصر للطيران لتجميل الصورة القبيحة لسياسة السماوات المفتوحة وتمرير قرار تطبيقها.. اللهم قد أبلغت.
وعمار يامصر!