الجمهورية
احمد المنزلاوى
حجرة داخل المقهي
تحقق اللقاء بعد طول غياب بنصيحة واحد من أولي الألباب ليبدأ فيضان الفنون والآداب الذي ردد كلماته وألحانه الشيوخ والشباب.
ولا بأس أن نمر علي تفاصيل اللقاء وما جري بعده من فصول وأبواب.
كان الشيخ محمد يونس القاضي يتردد علي مكتب البريد القريب من الصحيفة التي يعمل بها ليتسلم رسائل القراء الخاصة بالباب الأدبي الذي يكتبه.
سأله موظف البريد السكندري لماذا لا تقابل الشيخ سيد درويش وتتعاون معه وتقدم له ما تكتبه من أزجال وأغنيات سافر يونس القاضي إلي الإسكندرية 1917 وكانت الرحلة الطويلة بين المدينتين أسهل كثيراً من الرحلة القصيرة من المحطة إلي مقر إقامة الشيخ سيد درويش.
كانت زوجة الشيخ سيد "جليلة" قد تقدمت ببلاغ للشرطة ضده واتهمته بضربها وتحطيم ضلوعها.
مضت عربة الحنطور إلي منزل الشيخ سيد بكوم الدكة ومضت ساعات طويلة والعربة تدور في شوارع الإسكندرية بغير هدف حتي مالت الشمس نحو المغيب.
وبعد أن اطمأن صاحب العربة إلي أن الضيف شاعر وزجال دله علي المقهي الذي يقيم الشيخ سيد درويش في حجرة بداخله وصحبه أحد الأشخاص من أمام المقهي إلي الحجرة ليجد نفسه أمامه وكان اللقاء حاراً وباسماً.
قال القاضي:
- كنت أظن انك شيخ كفيف "عجوز مهكع".
ورد سيد درويش:
- وحياة النبي أنا كنت فاكرك أعمي وأقرع ونزهي ومؤلف أغاني.
انتهي المزاح وبدأ العمل والكفاح وسلمه القاضي مجموعة الأغاني الوطنية والعاطفية.
وفنان الشعب سيد درويش هو:
- السيد درويش البحر "1892 - 1923" ابن البحار المعلم درويش البحر.
من مواليد حارة البوابة "الحاج بدوي" من شارع السوق - كوم الدكة - قسم العطارين بالإسكندرية.
في 17 مارس 1892 التحق بالمعهد الديني 1905 وحمل لقب الشيخ وغني في صباه مع أصدقائه ألحان الشيخ سلامة حجازي والشيخ حسن الأزهري تزوج وعمره 16 سنة وعمل بمقاهي الإسكندرية واضطرته الظروف للعمل مع عمال البناء وجذب الأسماع والأنظار بصوته الجميل.
سافر إلي الشام 1908 وعاد وسافر مرة أخري "1912 - 1914" وسافر إلي القاهرة 1917 وعمل مع فرق شارع عماد الدين "بديعة مصابني ونجيب الريحاني وعلي الكسار وجورج أبيض".
وعاد إلي الإسكندرية خلال ثورة 1919 ورددت الملايين ألحانه ومنها نشيد بلادي بلادي للشيخ يونس القاضي ونشيد قم يا مصري للشاعر الكبير بديع خيري.
ويضيق المقام هنا عن ذكر أعمال فنان الشعب الغنائية والمسرحية التي لا تزال تتردد علي امتداد الساحة العربية حتي الآن.
توفي فنان الشعب الشيخ سيد درويش في 10/9/1923 "يوم عودة سعد زغلول قائد ثورة 1919 من منفاه بجزيرة سيشل في المحيط الهندي 1921 - 1923".
توفي بعد عمر قصير "31 سنة" رحلة عطاء جدد خلالها الموسيقي العربية ونزل بها من القصور إلي الشوارع والميادين وألسنة وأذان وقلوب المواطنين.
ومن أشهر أغاني الشيخ محمد يونس القاضي:
- زوروني كل سنة مرة
- أهو دا اللي صار
- أنا هويت وانتهيت
- خفيف الروح بيتصاحب
وفي سنة 1912 صدر كتاب بعنوان: الأعمال الشعرية للشيخ يونس القاضي جمع ودراسة وتحقيق د. نبيل بهجت تحدث فيه عن أعماله الشعرية والمسرحية منها مسرحيات "كلها يومين. ومال الكنزي للنزهي. وحرم المفتش. والتالتة تابتة. وحماتي وكيد النسا. والصيام في رجب" وهي أعمال تشير إلي عمق ارتباطه بحياة المواطن المصري.
كتب القصة والسيناريو والحوار لفيلم "كله إلا كده" 1936. إخراج إدموند تويما. بطولة ببا عز الدين ومحمد كمال المصري "شرفنطح".
توفي الشيخ محمد يونس القاضي في 1/6/1969 بعد رحلة عطاء وإبداع أسعد به الملايين علي امتداد الساحة العربية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف