عبد الرحمن فهمى
ليه يا بنفسج بتبهج أنت حزين
الفنانة الرياضية المثقفة الديناميكية إيناس عبدالدايم رئيسة الأوبرا رأت ألا يمر عيد الحب دون الاحتفال به في مصر الحضارة والثقافة والفن.. فكان حفل مدحت صالح خير من يحيي حفلات المناسبات المختلفة بالتعاون الدائم مع طه حسين الموسيقي المعجزة البشرية عمرو سليم.. وليكن الاحتفال علي المسرح الأكاديمي الرئيسي مسرح الأوبرا واكتملت "الصورة الجميلة" لليلة الرائعة بعرض الحفل علي الهواء مباشرة.. لفتة رائعة من ابنة التليفزيون الجميلة الأنيقة صفاء حجازي التي صعدت السلم من أول درجة ولفتت الأنظار مع نشرة الأخبار.. فعاشت مصر كلها ليلة حب بحق.
***
يقولون "الحلو ما يكملش".. رغم إنه "حلو" السيدتين الرائعتين "صفاء وإيناس" يملأ محيطات.. ماذا لو نشرت الصحف الصباحية سطراً واحداً عن أن الحفل مذاع علي الهواء الساعة كذا علي قناة كذا.. سطر واحد في الصحف كفيل بجلوس كل الناس في البيوت بدلاً من المقاهي والكافيهات.. بدلاً من هدمها!!!
لا تقل لي النشر في الصحف يؤثر علي الإيراد بالسلب!!!.. بالعكس أثبتت مباريات الكرة أن النشر المسبق يزيد من الدخل.. وأؤكد لكم أن الكثيرين فوجئوا بالبث ولو كانوا علي علم بإقامة هذا الحفل الرائع كانت الطوابير أمام شباك التذاكر مضاعفة!!!! حفلات أم كلثوم المعروفة مواعيدها ومكانها لمدة عام قادم لا تجد فيها كرسياً واحداً!!!.. هذا الضغط الجماهيري علي وزارة الشباب للسماح بدخول الجمهور رغم أن كل المباريات مذاعة علي الهواء.. المشاهدة الشخصية مثل السيجارة.. لو حدثت لك مرة ستهاجر الشاشة للأبد.
***
زمان.. في بداية الإذاعة في الثلاثينيات.. كانت كل ليلة طوال الأسبوع يترك المذيعون "استديو المباشر" لمطرب كبير أو مطربة.. وفرقته الموسيقية من حوالي التاسعة والنصف حتي منتصف الليل.. يقوم المطرب أو المطربة بتقديم الأغنية وله الحرية في أن يتكلم عن المؤلف والملحن أو أحدهما.. أو يقول حكاية عن مولد الأغنية مثلاً.. وحتي أي كلام عن الفن.
وكان من عادات زمان.. إذا مات شخص عزيز علي الأسرة يتم قفل الراديو الخشبي الكبير وتتم تغطيته بغطاء علي مقاسه لمدة عام علي الأقل.
وحدث أن مات أخي الكبير وكان في التوجيهية "الثانوية العامة" في سن 16 عاماً.. وساد الحزن العميق الأسود بطريقة غير عادية.. والدي ضابط البوليس كان يغمي عليه حينما يتذكره ووالدتي دخلت المستشفي.. وبعد منتصف العام أو أكثر وكان المطرب السهران صالح عبدالحي معشوق العائلة كلها وأمر جدي بفتح الراديو في ذلك اليوم وكان معه في العادة الأقارب والجيران يحضرون وغني صالح عبدالحي أغنيته الجديدة: "ليه يابنفسج بتبهج وأنت زهر حزين.. العين تتابعك وتطاوعك والدموع تسيل.. ليه يا بنفسج.. ليه يا بنفسج"!!! فإذا بيوم وفاة أخي فجأة يعود.. أبي يغمي عليه وأمي تكاد تموت!!! ويتم غلق الراديو!!!!
***
هذه صورة قاتمة حزينة.. ولكن هذا لا يمنع من أنه تقليد رائع.. كل ليلة مطرب مشهور جداً يلم الأسرة حوله.. لماذا لا يعود هذا التقليد.